[وقع الكلام في أنّ الحروف وضعت لمعان مغايرة و مباينة لمعاني الأسماء بحيث يكون التباين بينها ذاتيّا و جوهريّا لا من قبل الاعتبار و اللحاظ، كما هو مختار صاحب «الفصول» و صاحب «الكفاية» [1]، أو أنّ الحروف وضعت لمعان آليّة اعتباريّة، و في الواقع لا معنى للحروف، و إنّما المعنى هو المعنى الاسمي لا غير، لكن إذا لوحظ ذلك المعنى الاسمي في مقام الاستعمال باللحاظ الآلي يصير معنى حرفيّا، و إن لوحظ باللحاظ الاستقلالي يصير معنى اسميّا.
فالمعنى في الحالتين واحد لا تعدّد فيه و لا تكثّر، و إنّما الفرق نشأ من جهة كيفيّة اللحاظ من حيث الاستقلاليّة و الآليّة لمعنى آخر.
و من هذه الجهة أيضا التزموا بعموم الوضع و الموضوع له في الحروف، نظرا إلى كون ذات المعنى و الملحوظ حينئذ معنى كليّا و عدم كون اللحاظ اللآلي كاللحاظ الاستقلالي موجبا لجزئيّته.
و ذهب جماعة إلى أنّ الحروف وضعت للجزئيّات و المصاديق، فالوضع فيها عامّ، لأنّ الواضع في مقام الوضع تصوّر معنى كليّا، كالابتداء لوضع «من»