يمكن أن يقال: إنّ فعله واجب في رتبة عصيان المضيّق، و حرام في رتبة إطاعة المضيّق؛ لأنّ تركه مقدّمة له و مقدّمة الواجب واجب، ففعله ترك المقدّمة و حرام.
و حاصل ارتفاع المحذور أنّه باق على حكمه الأصلي في رتبة العصيان، و على حكمه الغيري في رتبة الإطاعة، كالتصرّف في أرض الغير المتوقّف عليه إنقاذ الغريق الأهمّ، غاية الفرق بينهما أنّ الصلاة عكس التصرّف في الحكم الأصلي و الغيري، و أمّا في المضيّق فلا يمكن أن يقال: فعله واجب في رتبة العصيان للموسّع و حرام في رتبة إطاعته؛ لأنّ فعله واجب على أيّ حال، فلا يمكن أن يكون حراما على تقدير.
و بالجملة؛ فالحقّ أن يقال: تركه ليس واجبا أصلا؛ لأنّ الموسّع ليس واجبا مطلقا حتّى يقتضي النهي عن المضيّق، فيكون فعله حراما غيريّا و واجبا نفسيّا فلا يلزم في مرتبة من المراتب اجتماع الحكمين في المضيّق، فإنّه واجب ليس إلّا، فليس تركه إلّا حراما نفسيّا و ليس واجبا غيريّا.
و بعبارة اخرى: حيث إنّ المضيّق واجب مطلق فيقتضي النهي عن ضدّه و هو الموسّع، فيجتمع الوجوب النفسي و الحرمة الغيريّة فيه، و أمّا الموسّع فواجب مشروط بالعصيان و الواجب المشروط لا يقتضي وجوب مقدّماته الوجوبيّة، فلا يقتضي النهي عن المضيّق.
و ثالثا: لو قلنا بأنّ الموسّع في طرف العصيان حصل شرطه، و إذا حصل؛ فحيث إنّه يتوقّف في الوجود على ترك المضيّق فتركه واجب من حيث كونه مقدّمة وجوديّة للموسّع، و لكنّه إنّما يجب تحصيل المقدّمة الوجوديّة لو لم تكن شرطا للوجوب أيضا، و أمّا لو كان كذلك فيمتنع أن تكون واجبة.