ثمّ ممّا ذكرنا من المثال؛ يظهر لك المعيار في كثير من الشرعيّات، كما لو تعلّق تكليف أوّلا بأداء الدين ثمّ على فرض عصيانه بوجوب الخمس، فخطاب الخمس قبل استقرار وجوبه ترتّب على عصيان الدين، و حيث إنّ بقاء فاضل المئونة ليس شرطا دائما فلا بدّ أن يكون الخطاب الرافع لموضوعه متحقّقا قبل استقرار، فلا يرفع وجوب أداء الدين موضوع الخمس، و تقدّم أيضا أنّ تعلّق الزكاة بالعين بعد استقرار وجوب الخمس أيضا لا يمنع عن الخمس.
فتلخّص ممّا ذكرنا أنّ الخطابين اللذين لا مضادّة بينهما بحسب الجعل، بل بحسب المتعلّق إذا كان بينهما ترتّب لا تقتضي فعليّتهما طلب الجمع، بل لا يقتضي الترتّب طلب الجمع فيما أمكن الجمع بينهما، لعدم تضادّ المتعلّقين.
فما ذكره المحقّق الشيرازي (قدّس سرّه) من أنّه لو فرض- محالا- إمكان الامتثال لضدّين في آن واحد لما أفاده الخطاب الترتّبي وجوب إتيانهما [1]، و إن كان متينا في نفسه إلّا أنّه لا نحتاج إلى فرض المحال، لما ذكرنا من عدم وجوب الجمع حتّى في ممكن الاجتماع، كالخمس و الدين و المسافر مع الصوم.
ثمّ إنّا قد أشرنا في تحرير موضوع البحث أنّ موضوعه أعمّ من أن يكون أحد الخطابين رافعا امتثاله موضوع الآخر، أو ما يلازم موضوعه، لأنّ المناط واحد، فلا فرق بين أن يتعلّق تكليف أوّلا بما يوجب امتثاله رفع موضوع الآخر كالخطاب الترتّبي في محلّ البحث، كما لو قيل: أزل النجاسة! و إن عصيت