قلت: المعيار في كون كلّ ما يبحث فيه عن الحجّيّة و عدمها من المسائل الأصوليّة، كون ذلك مقدّمة لإثبات حكم فرعي، لأنّ الأصول مقدّمة للفقه، و ذلك المعيار موجود في حجّيّة ظنّ المتجزّي، فإنّها مقدّمة لإثبات حكم فرعي، هو جواز الأخذ لقوله في المسائل التي استنبطها، بخلاف حجّيّة قول ذى اليد مثلا، فإنّه مثبت لموضوع صرف لا حكم فرعي، مثلا لو أخبر بأنّ ثوبي هذا نجس، و قلنا بحجّيّة قوله، فإنّها مقدّمة لإثبات موضوع صرف هو نجاسة ذلك الثوب المخصوص.
و قد عرفت فيما سبق، في مسألة الاستصحاب، أنّ نجاسة هذا الشيء المخصوص و أمثالها، من الموضوعات الصرفة لا من الأحكام، لأنّ الحكم الشرعي ما من شأنه الأخذ من الشارع، و ما من شأن الشارع بيانه هو القواعد الكلّيّة لا الجزئيّات المخصوصة.
أقول: في هذا الجواب نظر، لأنّ جواز الأخذ بقوله «إن كان حكما فرعيّا، فالبحث عنه بحث عن المسائل الفرعيّة» و التعبير عنه بحجّيّة الظنّ للمقلّدين، لا يصير سببا لصيرورته من المسائل الأصوليّة، كما أنّ التعبير عن جواز العمل بقول ذى اليد بحجّيّة قوله، لا يخرجه عن المسائل الفرعيّة و لا يدخله في المسائل الأصوليّة؛ فتأمّل.
و كيف ما كان، فنقول: إنّ الآيات و الأخبار مثلا، أدلّة لفتوى المجتهد المتجزّي، و الفتوى دليل للمقلّد، فالبحث عن حجّيّة فتواه بحث عن عوارض الدليل؛ كما أنّ البحث عن حجّيّة الآيات أيضا، بحث عن عوارض الدليل؛ و لا فرق عنهما إلّا أنّ أحدهما بحث عن حجّيّة دليل المجتهد، و الأخرى عن دليل المقلّد.
الثاني: إنّ الأصحاب يعنونون هذه المسألة في كتب الأصول، و من المستبعد جدّا عنوان مسألة في فنّ مع خروجها عنه.
أقول: لو كان عنوان الأصحاب دليلا، لكان عنوان مسألة أصل البراءة في