هذه الصورة؛ و الشهرة حجّة في المقام، لكون المسألة فقهيّة.
الثالث: رواية عمّار حيث أصابه جنابة فتمعك في التراب، فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): كذلك يتمرغ الحمار، أ فلا صنعت هكذا؟ فعلّمه التيمّم؛ فإنّ الظاهر من تشبيه تمرغه بتمرغ الحمار و التوبيخ بقوله «أ فلا صنعت هكذا» أمران، أحدهما فساد التمعك في التراب، لكونه غير مطابق للواقع، و الثاني أنّه لو أتى بالتيمّم مع عدم أخذه لكان مجزيا.
و غرضنا من الاستدلال بالرواية هنا هو الأمر الأوّل المستفاد منها، فنقول: إنّ عمّارا لا يخلو إمّا كان مقصّرا أو قاصرا، و على الأوّل و إن كان في غاية البعد لجلالة عمّار، نثبت المطلوب بنفس الرواية؛ و على الثاني نثبته بالأولويّة القطعيّة، فإنّ القاصر مع عدم تسبّب مخالفته للواقع عن تقصيره، إذا كان مأمورا بالإعادة فالمقصّر بطريق أولى.
أقول: الأولويّة في الحكم التكليفي بمعنى أنّ الكافر لو كان آثما لكان المقصّر آثما مسلّمة، لكنّها في الحكم الوضعي ممنوعة، فإنّ كليهما غير واجد للمصلحة الذاتية، و لا أولويّة لأحدهما في ذلك على الآخر، فكلاهما في الأمر بالإعادة متساويان.
بل يمكن أن يقال: إنّ الرواية مجملة، لاستبعاد حملها على ظاهرها، لأنّ عمّارا إن كان قاصرا فلا يخلو إمّا النبي (صلّى اللّه عليه و آله) كان مطّلعا على قصوره و إمّا لا؛ و على الأوّل لا معنى للتوبيخ، و على الثاني كان له أن يعذر بقصوره، فإنّ طبيعة الإنسان مفطورة على دفع التوبيخ عن نفسه إن كان له عذر، فعدم عذره كاشفا كشفا ظنّيا عن عدم قصوره، و إن كان مقصّرا، فهذا أي التقصير كان مستبعدا جدّا في حقّ مثل عمّار، مضافا إلى أنّهم ذكروا في أسباب نزول الآيات أنّ حكاية عمّار صار سببا لنزول آية التيمّم.
و كيف ما كان، فالرواية إن كانت باقية على ظاهرها، يمكن الاستدلال بها فيما نحن فيه؛ و ضعف سندها غير قادح، لانجباره في الباب بعمل الأصحاب.