اسم الکتاب : الاجتهاد و التقليد (التعليقة على معالم الأصول) المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 410
..........
ماهيّة العبادات، و الأخبار الدالّة على نفي التكليف فيما لا علم به عموما أو خصوصا.
فمن الأوّل قوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): «وضع عن أمّتي- و عدّ منها- ما لا يعلمون» و قوله (عليه السلام):
«ما حجب اللّه علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» و قوله (عليه السلام): «من عمل بما علم كفى ممّا لم يعلم» و نحو ذلك.
و من الثاني صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يتزوّج المرأة في عدّتها بجهالة، أ هي ممّن لا تحلّ له أبدا؟ فقال: أمّا إذا كان بجهالة فليتزوّجها بعد ما تنقضي عدّتها، و قد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك.
و قلت: أيّ الجهالتين أعذر بجهالته، إنّ ذلك محرّم عليه؟ أم بجهالة أنّها في العدّة؟
فقال: إحدى الجهالتين أهون من الاخرى، الجهالة بأنّ اللّه حرّم عليه ذلك، و ذلك لأنّه لا يقدر على الاحتياط معها.
فقلت: هو في الاخرى معذور؟ فقال: نعم إذا انقضت عدّتها فهو معذور في أن يتزوّجها [1].
و أصحّ هذه الوجوه هو الوجه الثالث و هو مع هذا أخصّ من المدّعى لوجهين:
الأوّل: لا يقضي بنفي الإثم على مخالفة الواقع فيما أدّى الجهل إلى ترك واجب أو فعل محرّم، فإنّما يدلّ على المعذوريّة بمعنى سقوط الإعادة و القضاء في العبادات.
الثاني: أنّ أقصى مفاده المعذوريّة في العبادات على تقدير المطابقة للواقع لا مطلقا.
و أمّا الأصل، فالظاهر أنّ المراد به أصالة البراءة النافية لوجوب الرجوع إلى المجتهد أو وجوب تحصيل المعرفة بالحكم الشرعي عن طريق معتبر، و العقاب المترتّب على ترك تحصيل المعرفة و الرجوع إلى الطريق.
و يزيّفه: أنّ وجوب تحصيل المعرفة بالحكم الشرعي بطريق الاجتهاد أو التقليد ممّا لا إشكال فيه و لا شبهة تعتريه، فلا معنى لنفيه بأصالة البراءة.
نعم لمّا كان أصل المعرفة مقدّمة علميّة للإطاعة و امتثال الأحكام فوجوب تحصيلها الثابت بالعقل و النقل غيريّ لا يترتّب العقاب على مخالفته، فلا حاجة في نفيه إلى التمسّك بالأصل.
فلو اريد به أصالة البراءة عن وجوب الإعادة فيما بقي للإعادة فيه محلّ و وجوب
[1] الوسائل كتاب النكاح- الباب 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ح 4.
اسم الکتاب : الاجتهاد و التقليد (التعليقة على معالم الأصول) المؤلف : الموسوي القزويني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 410