العمل هو الطريق الأساسي لتكوين الطبقة الحاكمة في المجتمع ؟! وإن كانت هذه النتيجة ـ التي تترتب منطقياً على التحليل الماركسي ـ تنطبق على ظرفٍ تأريخي فإنّما تنطبق فقط على المجتمع الرأسمالي في ظرف تكوّنه وتكامله ، إذ يمكن لأحدٍ أن يقول أنّ الطبقة الرأسمالية قد بنت كيانها الطبقي عن طريق الملكية التي حصلت عليها بالنشاط الدائب في ميادين العمل والإنتاج . وأمّا في الظروف التأريخية الأخرى فلم يكن النشاط العملي هو الأساس لتكوّن الطبقات ، ولا الدعامة الرئيسية للطبقة الحاكمة في كلّ العصور ، بل على العكس كانت حالة الملكيّة تظهر على الأكثر بوصفها نتيجة للوضع الطبقي ، وليست أساساً له .
وإلاّ فكيف نفسّر الحدود الفاصلة التي كانت توضع في المجتمع الروماني بين طبقة الأشراف ومجموع العامة بما فيهم طبقة رجال الأعمال الذين كانوا يدانون الأشراف في ثرواتهم ، ويتمتّعون بملكيات لا تقلّ عن ملكيات أولئك الأشراف ، بالرغم من التفاوت الكبير بين مقامهما الاجتماعي ، ومن السلطات السياسية الخاصة التي كان الأشراف يمتازون بها على رجال الأعمال وغيرهم من الفئات [1] .
وكيف نفسر وجود طبقة ( الساموراي ) ذات النفوذ الكبير في المجتمع الياباني القديم التي كانت تأتي في السلّم الاجتماعي بعد أمراء الإقطاع مباشرة ، وترتكز في تكوينها الطبقي على خبرتها الخاصة بحمل السيف وفنون الفروسية وأساليبها ، وليس على الملكيّة وقيمها الاقتصادية ؟! [2] .
وكيف نفسّر قيام التنظيم الطبقي في المجتمع الهندي قبل التأريخ الحديث