التركيب الطبقي في المجتمع على أساس اقتصادي ما دامت قد أدرجت ذلك في مفهومها عن الطبقية بالذات .
ولعلّ هذه النقطة هي أوضح مثال من بين النقاط التحليلية في الماركسية ؛ لِما حرصت عليه الماركسية وأدّته ببراعة من تفسير المدلولات الاجتماعية كلّها تفسيراً اقتصادياً وتطعيمها بقيمها الاقتصادية الخاصة .
غير أنّ هذا البراعة في التحليل من الناحية النظريّة كلّفت الماركسية الابتعاد عن المنطق الواقعي للتأريخ ، وعن طبيعة الأشياء ، لا كما تبدو وتتعاقب في ذهن العلماء الماركسيين ، بل كما تبدو في الواقع ؛ لأنّ التحليل الماركسي يفترض أنّ الواقع الاقتصادي ـ ملكيّة وسائل الإنتاج وعدم ملكيّتها ـ هو الأساس الواقعي والتأريخي للتركيب الطبقي ، وانقسام المجتمع إلى طبقة حاكمة ـ لأنّها تملك ـ وطبقة محكومة ـ لأنّها لا تملك . مع أنّ الواقع التأريخي ومنطق الأحداث يبرهن في أكثر الأحايين على العكس ، ويوضح أنّ أوضاع الطبقات هي السبب في الأوضاع الاقتصادية التي تتميّز بها تلك الطبقات ، فالوضع الاقتصادي للطبقة يتحدّد وفقاً لكيانها الطبقي وليس كيانها الطبقي نتيجة لوضعها الاقتصادي .
وأكبر الظنّ أن الماركسية حين قرّرت أنّ التركيب الطبقي قائم على أساس اقتصادي ، وأكّدت على أنّ الطبقة نتيجة للملكيّة لم تدرك النتيجة التي تترتب على ذلك منطقياً ، وهي أنّ النشاط في ميادين الأعمال هو الأسلوب الوحيد إلى كسب المقام الاجتماعي وتكوين طبقة رفيعة في المجتمع ، لأنّ التكوين الطبقي للطبقة الرفيعة الحاكمة في المجتمع إذا كان نتاجاً للملكية ـ الوضع الاقتصادي ـ فلا بدّ لها من إيجاد هذه الملكيّة لكي تصبح طبقة رفيعة حاكمة ، ولا سبيل إلى حصولها على تلك الملكيّة إلاّ النشاط في ميادين العمل . وقد تكون هذه أغرب نتيجة يتمخّض عنها التحليل الماركسي ؛ لبعدها عن الواقع ، وإلاّ فمتى كان النشاط في ميادين