سُبحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ* عَالِمِ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشرِكُونَ)) [1]. مع أن ذلك لم يحصل، بل تجري أنظمة الكون متناسقة لا اضطراب فيه.
لو كان لله شريك لدعا إلى نفسه
الثالث: أنه لو كان لله تعالى شأنه شريك لدعا إلى نفسه، وأرسل رسلاً تنبئ عنه وتدعوا إليه، وتعرّف الناس به وتبلغهم دينه وأمره ونهيه، ولدعمهم بالآيات والبينات، والحجج الواضحة الشاهدة بصدقهم، كما فعل الله عزّ وجلّ ذلك، إظهاراً للحقيقة، ليؤدى العباد حقه، كما قال عزّ من قائل: ((وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإنسَ إلاَّ لِيَعبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَمَا أُرِيدُ أن يُطعِمُونِ* إنَّ الله هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ))[2].
ولاسيما مع ما هو المعلوم من دعوى الرسل توحيد الله عزّ وجلّ، فكان المناسب لغيره ـ لو كان له وجود ـ إرسال الرسل من قبله، للردع عن ذلك، بياناً للحقيقة، ورفعاً للبس والتغرير فيه، وليؤدى الناس حقه. مع أن ذلك لم يحصل.
وإنما ادعى طوائف من الناس تعدد الآلهة تفسيراً لوضع الكون من عند أنفسهم، من دون أن يدّعوا الرسالة عن غير الله تعالى، ويقيموا الحجة البيّنة على صدقهم. وكل ما وصل من دعاواهم مردود عليهم، لفقده الدليل والحجة. بل هو من الوهن ومخالفة العقل بحدّ يصل إلى البشاعة والسخف والاستهجان والسخرية.