لكنه يندفع بأن الخلاف والشقاق مع وجود المرجع المنصوص عليه لا يكون مسبباً عن نقص في الدين وقصور في تشريعاته، بل عن تقصير الناس أنفسهم بعد قيام الحجة عليهم في عدم الرجوع للمرجع المذكور، والقيام بالوظيفة التي يعينها لهم، ولا يجب على الله سبحانه وتعالى أن يمنعهم من ذلك، ويجبرهم أو يوفقهم للعمل بالوظيفة التي عينها لهم.
نظير ما هو المعلوم من أنه لا يجب على الله تعالى أن يجبرهم أو يوفقهم للطاعة، بل له أن يكلهم في ذلك إلى أنفسهم بعد أن يقيم الحجة عليهم، كما قال عزّ وجل: ((إنَّا هَدَينَاهُ السَّبِيلَ إمَّا شَاكِراً وَإمَّا كَفُور))[1].
وهذا بخلاف ما إذا كان الخلاف والشقاق نتيجة عدم جعل الله عزّوجلّ المرجع في الدين، وتركه عرضة للتحريف والخط، فإنه مستلزم لنقص الدين، وقصوره تشريعاً عن قيام الحجة الحافظة له، وهو ما ينزه عنه تعالى.
بل هو خلاف قوله تعالى: ((اليَومَ أكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُم الإسلاَمَ دِين))[2].
وقوله سبحانه: ((وَمَا كَانَ الله لِيُضِلَّ قَوماً بَعدَ إذ هَدَاهُم حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَا يَتَّقُونَ))[3].