وعلى ذلك فمن الظاهر أن القرآن المجيد وسنّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يكفيان في التعريف بالدين في جميع العصور. لما هو المعلوم من عدم وفاء القرآن المجيد ببيان جميع الأحكام ولا بتفاصيله، خصوصاً بلحاظ تجدد الوقائع نتيجة تطور المجتمع وتلاقح الحضارات. مع أن القرآن الكريم صالح للتأويل على أكثر من وجه واحد، ولا سيما بعد غياب ظروف نزوله عن.
كما أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يتصدّ لضبط أحكام الدين في مدونة مستوعبة له، يتيسر لعامة المسلمين الرجوع إليها في جميع العصور وفي جميع الوقائع حتى المستجدة منه، بنحو تتجنب معه الأمة الجهل بالأحكام والخلاف فيها في جميع العصور وعلى امتداد الزمن.
وإنما بيّن (صلى الله عليه وآله وسلم) الأحكام لعامة المسلمين بصورة تدريجية، وفي وقائع متفرقة، وكثير منها بيّن بصورة شخصية لا عموم فيه.
مع عدم الاهتمام بضبط ذلك وحفظه وتدوينه بحيث يرجع إليه عموم المسلمين. وبذلك كان معرضاً للضياع.
تعرض سنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للضياع
ثم تعرضت السنّة الشريفة بعد ذلك للإخفاء المتعمد بسبب الحجر عليها من قبل الأولين ـ على ما أشرنا إليه في جواب السؤال السابع من الجزء الأول من كتابنا (في رحاب العقيدة) ـ ولتعمد الإخفاء والتحريف والكذب تبعاً للأهواء نتيجة الفتن التي تعرضت لها الأمة في العصور