والأول كثيراً ما يتقن العلم، ويتمكن فيه، بل قد يحظى بشيء من النبوغ، فيطور العلم ويرتفع بمستواه.
أما الثاني فهو يتحمله عادة بسطحية ورتابة، دون تركيز وأصالة. وبذلك يكون معرضاً للتحوير والتشويه، وضعف الأداء وسوء العرض. وذلك أمر ظاهر يستوضحه كل ممارس.
ومن المعلوم من حال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه ليس من القسم الأول، لأنه قضى عمره الشريف في مكة المكرمة بعيداً عن مراكز أهل الكتاب، كما سبق. وغاية ما قد يدعى أنه اطلع على بعض كتبهم أو تعرف على بعض من يحمل ثقافتهم.
ولكن القرآن الكريم حينما طرح العلوم الإلهية والمعارف الدينية لم يطرحها بالوجه المطروح في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي يتبناه أهل الكتاب، مع سطحية وتشويه، بل ولا مع الحفاظ على ما عندهم بجمود وتقليد. وإنما طرحها طرحاً متميزاً على ما عندهم، أصالة وكمال، وسمواً واعتدال، ورونقاً وجمال. وأفاض في جهات كثيرة لم يطرقوه، مثل قصص أنبياء الله تعالى هود وصالح وشعيب، وكثير من التعاليم الحقة.
بل حتى فيما طرقوه وتحدثوا عنه لم يتحدث عنه حديث تابع لهم، بل حديث مستقل عنهم مهيمن على ما عندهم، حيث يتميز عنه بأمور..
الأول: تهذيبه من التناقضات والخرافات والمناكير والمخزيات، التي