responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اصول البحث المؤلف : الفضلي، الشيخ عبد الهادي    الجزء : 1  صفحة : 222

و قد أجبنا على نظير هذا الإستدلال في مبحث القياس، و بيّنا أنّ أحكام الشريعة بمفاهيمها الكلية، لا تضيق عن مصالح العباد و لا تقصر عن حاجاتهم، و هي بذلك مسايرة لمختلف الأزمنة و الأمكنة و البيئات و الأحوال و بخاصة إذا لوحظت مختلف المفاهيم بعناوينها الأولية و الثانوية و أحسن تطبيقها و الإستفادة منها.

و الحقيقة أن تأثير الزمان و المكان و الأحوال إنما هو في تبدل مصاديق هذه المفاهيم.

فالآية الآمرة بالإستعداد بما يستطيعون له من قوة لإرهاب أعداء اللّه قد لا نجد لها مصداقا في ذلك الزمن إلا بإعداد السيوف و الرماح و التروس و الخيول و أمثالها، لأن القوة السائدة هي من هذا النوع؛ و لكن تبدل الزمان و تغير وسائل الحرب حوّل الإستعداد إلى إعداد مختلف الوسائل السائدة في الأمم المتحضرة للحروب كالقنابل النووية و غيرها، فالمفهوم هو وجوب الإستعداد بما يستطاع لهم من قوة لم يتغير في الآية، و إنما تغيرت مصاديقه و هكذا...

فالتبدل في الحقيقة، لم يقع في المفاهيم الكلية، و إنما وقع في أفرادها و مصاديقها، فما كان مصداقا لمفهوم ما ربما تحول إلى مصداق لمفهوم آخر.

و لقد وسع لنا الشارع المقدس بما شرحه لنا من العناوين الثانوية من جهة، و بفتحه لنا أبواب الإجتهاد سواء في التعرف على أحكامه الكلية أم التماس مصاديقها بما سد حاجاتنا الأساسية إلى تطوير أنفسنا، و مسايرة عصورنا ضمن إطار ما جاء به من أحكام، و لكن لا على أن نفسح المجال أمام أوهامنا و ظنوننا لنتحكم في مصائر العباد كيفما نشاء، و ما دام مقياس الحجية بأيدينا-و هو ما سبق أن عرضناه-فلا مجال لإعتماد ما يخالف هذا المقياس، و الأساس فيه هو تحصيل العلم بالحكم أو العلمي، و لا أقل من تحصيل الوظيفة التي يأمن معها الإنسان من غائلة العقاب.

اسم الکتاب : اصول البحث المؤلف : الفضلي، الشيخ عبد الهادي    الجزء : 1  صفحة : 222
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست