و روي انّه أوحى اللّه إليه يا داود كما لا تضيق الشمس على من جلس فيها كذلك لا تضيق رحمتي على من دخل فيها و كما لا يضر الطير من يتطير منها كذلك لا ينجو من الفتنة المتطيرون و كما ان أقرب الناس من اللّه يوم القيامة المتواضعون كذلك أبعد الناس من اللّه المتكبرون.
و روي انّه أوحى اللّه إليه يا داود مالي أراك منتبذا؟.
قال: أعيتني الخليقة فيك.
قال: فما ذا تحبّ؟.
قال: محبتك.
قال: من محبتي التجاوز عن عبادي فإذا رأيت لي مريدا فكن له خادما.
و ولد (سليمان) فلما ترعرع أوحى اللّه إلى داود انّه القيم بالأمر بعدك.
فصعد داود المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: ان اللّه جل جلاله أمرني أن استخلف سليمان عليكم بعدي.
فضجّت رؤساء أسباط بني اسرائيل و قالوا: غلام حدث يستخلف علينا و فينا من هو أعلم منه و نحن كبراء بني اسرائيل.
فبلغ ذلك داود فجمعهم و قال لهم: احضروا لي عصيّكم فأية عصا أورقت و أثمرت فصاحبها ولي الأمر بعدي.
فسروا بذلك و قالوا: قد رضينا.
و أحضروا العصي و كتب عليها أسماء أصحابها و أدخلها بيتا، و غلق الباب، و أجلس رؤساء الأسباط على الباب يحرسون عصيّهم فلما أصبح صلّى بهم الغداة، ثم فتح الباب فأخرج عصيّهم و قد أورقت عصا سليمان و أثمرت.
و روي انّه حمل سليمان فطاف به في بني اسرائيل ينادي هذا خليفتي من بعدي.
و مات داود (عليه السّلام) و عقدوا الأمر لبعض أولاده غير سليمان، و اعتزلهم سليمان فاتصل الخبر بنبي من أنبياء بني اسرائيل يقال له (أرميا) و كان متخليا في بعض الجبال فنزل و صار الى سليمان فقال له: يا نبي اللّه ان بني إسرائيل قد عقدوا الأمر لغيرك.