و روي ان في قول اللّه عز و جل «وَ أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً» قال: فارغا من كلّ شيء إلّا من ذكر ولدها موسى و الفكرة فيه. فقالت لاخته: انظري هل ترين أو تسمعين له خبرا أو اثرا.
فانطلقت فوجدت من يطلب الدايات فرجعت إلى امّها فعرفتها الخبر.
فانطلقت حتى أتت باب الملك فقالت: ان هنا امرأة صالحة تكفله لك.
فأدخلت فقالت لها آسية امرأة فرعون: ممّن أنت؟ قالت: من بني إسرائيل. فقالت لها:
اذهبي يا بنية فلا حاجة بنا إليك.
فقلن لها النساء: فانظري يأخذ منها ثديها أم لا يأخذ.
فرفع موسى إليها فوضعته في حجرها ثم ألقمته الثدي فأخذه و مصّه حتى روي فقامت آسية إلى فرعون فأخبرته.
فقال لها: الغلام من بني إسرائيل و الظئر من بني إسرائيل؛ هذا ما لا يكون أبدا و لا يجوز أن نجمعهما.
فلم تزل ترفق به حتى رضي و أمسك.
فروي انّه لما وضعته امّه في حجرها اشتدّ فرحها به فقالت: فديتك يا موسى. فسمع فرعون فاستشاط فأرسل اللّه جل و عز فنطق على لسانها فقالت: بلغني انّكم مشتموه من الماء فقلت يا موشى بالعبرانية. فقال لها فرعون: صدقت، من الماء مشتناه و انّا نسمّيه موشى فعربت، فهو ميشا (عليه السّلام) في دار فرعون.
و كتمت أمه و اخته و القابلة خبره. و ماتت القابلة فلم يعلم بخبره أحد من بني إسرائيل.
و اشتد أمر الغيبة في توقعه و انتظاره على بني إسرائيل و كانوا يتجسّسون من خبره بالليل و النهار و غلظ عليهم سيرة فرعون و جنوده فخرجوا في ليلة مقمرة الى فقيه لهم و كان الاجتماع عنده يتعذّر عليهم و يخافون فقالوا له: قد كنّا نستريح الى الأحاديث فحتى متى؟ فقال لهم: لا تزالون في هذا أبدا حتى يأتي اللّه بموسى بن عمران و يظهر في الأرض.
و أخذ يصف لهم وجهه و طوله و لحيته و علاماته إذ أقبل موسى (عليه السّلام) و قد كان خرج