و يستخدمونهم فأمر فرعون بأن تستحيى الذكور سنة و يقتلون سنة فولد هارون بن عمران في سنة الاستحياء و ولد موسى في سنة القتل حتى يري اللّه عز و جل قدرته.
و روي ان أمّ موسى لما حملت فطن بها و وضع عليها قابلة تلزمها فأوقع اللّه على القابلة محبّة قبل ولادته و كذلك حجج اللّه على من خلقه.
فكانت أمّ موسى (عليه السّلام) تضمر و تذوب، فقالت لها القابلة: يا بنية أراك تذوبين و تحزنين.
قالت لها: كيف لا أذوب و أحزن و إذا ولدت أخذ ولدي و ذبح؟
قالت لها: لا تحزني فانّي سوف أكتم عليك ولادة موسى بن عمران (عليه السّلام).
فلما ولد موسى (عليه السّلام) قالت القابلة لامّه: ادخليه المخدع.
و خرجت القابلة الى الحرس و كان مع كلّ قابلة حرسا يقتل من يولد من الذكور فقالت له و لمن معه: انصرفوا فقد كفينا إنمّا خرج دم متقطّع.
فانصرفوا و رضعته أمه و خافت على الصوت فأوحى اللّه إليها ان اعملي تابوتا فإذا خفت عليه فاجعليه فيه و ألقيه في أليم بالليل في نيل مصر، ففعلت و طرحته و جعل يرجع إليها و جعلت تدفعه في غمر الماء ثم ان الريح ضربته بالأمواج فانطلقت بالتابوت فلما رأته قد ذهب به الماء جزعت و أيست و همّت أن تصيح فربط اللّه على قلبها.
و كانت المرأة الصالحة آسية امرأة فرعون على دين بني إسرائيل تكتم ايمانها. قالت لفرعون: هذه أيام الربيع فاخرجني و تقدّم أن يضرب لي قبّة على شاطئ النيل حتى اتفرّج في هذه الأيام بالنظر الى الخضرة و الرياض. ففعل و كان يقعد معها، فأقبل التابوت نحوهما حتى صار بين أيديهما فقالت: هل ترون ما أرى؟ قالوا: بلى انّا لنرى شيئا.
فلما دنا التابوت بادرت الى الماء فجذبته إليها و كاد الماء أن يغمرها فأخرجته و وضعته في حجرها و وقعت عليها له محبّة و قالت: هذا ابني و لم يكن لها و لا للملك ولد.
و قال فرعون: نقتله فانّا نتخوّف أن يكون من بني إسرائيل.
فلم تزل ترفق به حتى أمسك عن قتله و رضي و وهبه لها.
و طلبت آسية من ترضعه فلم يبق أحد إلّا وجّه بامرأته لترضعه فامتنع من رضاع كلّ واحدة منهنّ و أبى تناول ثديهن.