النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين- المولود الذي كنّا نتوقعه، فاجعلي افطارك عندنا- و كانت ليلة الجمعة-.
فقلت له: ممّن يكون هذا المولود يا سيدي؟
فقال: من جاريتك نرجس.
قالت: و لم يكن في الجواري أحبّ إليّ منها و لا أخف على قلبي و كنت اذا دخلت الدار تتلقاني و تقبّل يدي و تنزع خفي بيدها.
فلما دخلت إليها ففعلت بي كما كانت تفعل، فانكببت على يدها فقبلتها و منعتها ممّا تفعله، فخاطبتني بالسيادة، فخاطبتها بمثله، فأنكرت ذلك، فقلت لها: لا تنكري ما فعلته، فان اللّه سيهب لك في ليلتنا هذه غلاما سيّدا في الدّنيا و الآخرة.
قالت: فاستحيت.
قالت حكيمة: فتعجبت، و قلت لأبي محمّد: اني لست أرى بها أثر حمل!
فتبسّم (صلّى اللّه عليه) و قال لي: انّا معاشر الأوصياء لا نحمل في البطون و لكنّا نحمل في الجنوب. و في هذه الليلة مع الفجر يولد المولود المكرّم على اللّه إن شاء اللّه.
قالت: فنمت بالقرب من الجارية، و بات أبو محمد (عليه السّلام) في صفة في تلك الدار فلما كان وقت صلاة الليل قمت؛ و الجارية نائمة .. ما بها أثر الولادة، و أخذت في صلاتي ثم أوترت.
فبينا أنا في الوتر حتى وقع في نفسي: ان الفجر قد طلع و دخل في قلبي شيء، فصاح أبو محمّد (عليه السّلام) من الصفة: لم يطلع الفجر يا عمّة بعد، فأسرعت الصلاة و تحرّكت الجارية فدنوت منها و ضممتها إليّ و سمّيت عليها ثم قلت لها: هل تحسين شيئا؟
قالت: نعم.
فوقع عليّ سبات، لم أتمالك معه ان نمت، و وقع على الجارية مثل ذلك، فنامت و هي قاعدة. فلم تنتبه إلّا و هي تحس مولاي و سيدي تحتها و بصوت أبي محمد (عليه السّلام) و هو يقول: يا عمتي هات ابني إليّ.
فكشفت عن سيّدي صلّى اللّه عليه فاذا أنا به ساجدا منقلبا الى الأرض بمساجده