فلما أفضى الأمر الى هبة اللّه (عليه السّلام)- و هو شيث بالعبرانية-
قام في ولد أبيه بطاعة اللّه عز و جل و بما أوصاه به أبوه. و زاده اللّه فيما كان اهبطه الى آدم من الصحف خمسين صحيفة و شرّفه بالحوراء التي أهبطها إليه من الجنة.
و اعتزل قابيل و ولده. و بنى الكعبة بالحجارة، و كانت قبل ذلك مكانها الحية التي انزلت من الجنة و قص خبرها، و كان قابيل و ولده في اعلى الجبل، و هبة اللّه و ولده و شيعته في أسفله، فنزل و جاء الى هبة اللّه (عليه السّلام) فقال له: قد علمت انك صاحب الأمر و ان اباك قد اوصى إليك و استودعك العلم و إن نطقت أو اظهرت شيئا من ذلك ألحقتك بأخيك هابيل فوضع هبة اللّه يده على فيه و أمسك، فلزمت الأوصياء التقية و الإمساك الى ان يقوم قائم الحق.
و أمر هبة اللّه ولده و الشيعة بالحضور عنده في يوم من السنة، و كانوا اذا حضروا فتح التابوت و نظر فيه و جعل ذلك يوم عيد لهم.
و انما كان نظره في التابوت توقعا لقيام القائم نوح (عليه السّلام).
و كان عمر هبة اللّه تسعمائة سنة.
و روي ان ابليس اتى قابيل فقال له انما قبل قربان اخيك هابيل لأنه كان يعبد النار فانصب أنت أيضا نارا تكون لك و لعقبك، فبنى بيت نار فهو أول من نصب النيران و عبدها و سنّ الكفر في ولد آدم، و كان الملك و التدبير و الامر و النهي له، و هبة اللّه صامت مغمور و هو صاحب الحق.
فلما حضرت وفاته اوحى اللّه إليه ان يستودع التابوت و الاسم الأعظم ابنه ريسان بن نزله و هي الحورية التي اهبطت له من الجنة اسمها نزله.
و روي ان اسم ريسان أنوش، فأخبره و سلم إليه التابوت و مواريث الأنبياء و أمره بمثل ما كان آدم (عليه السّلام) اوصى به إليه، و قال له: إن أدركت نبوة نوح فسلم إليه العلم و ما في يديك.
و استخفت الامامة و جميع المؤمنين خوفا من قابيل و ولده يتوقعون من قيام نوح (عليه السّلام).