و كان من أمر مروان بن محمد الجعدي ما رواه الناس و قتل بمصر في ذي الحجّة سنة اثنتين و ثلاثين و مائة.
و في سبعة عشر سنة من إمامة أبي عبد اللّه (عليه السّلام) انتقلت الدولة الى ولد العباس، و بويع أبو العباس عبد اللّه محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس بن عبد المطلب ليلة الجمعة لثلاثة عشر ليلة من ربيع الأول سنة اثنتين و ثلاثين و مائة بالكوفة في بني (أود) في دار (الوليد بن سعيد) مولى بني هاشم، و كانت دولته أربع سنين و تسعة أشهر. و توفي بالأنبار سنة ست و ثلاثين و مائة، و بويع لأخيه أبي جعفر عبد اللّه بن محمد المنصور في ذلك الوقت و كانت دولة المنصور في احدى و عشرين سنة من إمامة أبي عبد اللّه (عليه السّلام) فأقدمه من المدينة حتى اذا علا (النجف) نزل فتأهب للصلاة ثم صلّى و رفع يديه و قال:
يا ناصر المظلوم المبغي عليه .. يا حافظ الغلامين لأبيهما احفظني اليوم لآبائي محمّد و علي و الحسن و الحسين. اللّهم اضرب بالذلّ بين عينيه.
ثم قال: باللّه استفتح، و باللّه استنجح، و بمحمّد و آله أتوجه. اللّهم انّك تمحو ما تشاء و تثبت و عندك أمّ الكتاب.
ثم أقبل حتى انتهى الى الباب فاستقبله الربيع الحاجب فقال له: ما أشدّ غيظ هذا الجبّار عليك، يعني ما قد همّ به ان يأتي على آخركم.
ثم دخل إليه فاستأذن له فأذن فدخل فسلّم عليه.
فروي انّه (عليه السّلام) صافحه و قال له: روينا عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) انّه قال ان الرحم اذا تماست عطفت فأجلسه المنصور الى جنبه ثم قال: فانّي قد انعطفت و ليس عليك بأس.
فقال له أبو عبد اللّه: أجل ما عليّ بأس.
ثم قال المنصور: يا جعفر يبلغنا عنك ما يبلغنا.
فقال له أبو عبد اللّه (عليه السّلام): و اللّه ما فعلت و لا أردت، و لو كنت فعلت فان سليمان أعطي فشكر، و ان أيوب ابتلي فصبر، و ان يوسف ظلم فغفر و لا يأتي من ذلك النسل إلّا ما