و قبض (عليه السّلام) في ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان فكان عمره خمسا و ستين سنة (و روي ثلاثا و ستين سنة) منها مع النبي و خمس و ثلاثون سنة، و بعده ثلاثون سنة. و دفن بظاهر الكوفة بالغري.
و قد روى الناس بما أوصى به الى الحسن (عليه السّلام) أن يحمل هو و أخوه الحسين (عليه السّلام) مقدم الجنازة فاذا وقفت الجنازة حفر في ذلك الموضع فانّهما يجدان خشبة كان نوح (عليه السّلام) حفرها له فدفناه فيها.
و روي أن الجنازة حملت الى مسجد السهلة و وجدت ناقة باركة هناك فحمل عليها و أقاموها و تبعوها فلما وقفت بالغري و بركت حفر في ذلك المكان فوجد الخشبة المحفورة فدفن فيها حسب ما أوصى، و ان آدم و نوحا و أمير المؤمنين (عليهم السّلام) في قبر واحد.
و كان حمله و دفنه ليلا؛ لم يتولّ أمره في ذلك سوى الحسن و الحسين (عليهما السّلام).
و روي أنّه لما ضربه ابن ملجم (لعنه اللّه) و حمل الى منزله، اجتمع إليه الناس، فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: كلّ امرئ ملاق ما يفرّ منه، و الأجل تساق إليه النفس، و الهرب منه موافاته. كم اطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى اللّه- جلّ ذكره- إلّا اخفاءه.
هيهات .. علم مكنون. أمّا وصيتي لكم فاللّه- جل و تعالى- لا تشركوا به شيئا و محمّدا (صلّى اللّه عليه و آله) لا تضيّعوا سنته. أقيموا هذين العمودين و خلاكم ذم ما لم تشردوا كل امرئ مجهوده، و خفّف عن الجهلة ربّ رحيم، و دين قويم، و امام عليم، كنار في أعصار و دوي رياح تحت ظلّ غمامة اضمحل راكدها، فحطّها من الأرض حبا جاوركم بعدي خيرها ساكنة بعد حركة كاظمة بعد نطق ليعظكم هدى و خفرت أطوافي انّه أوعظ لكم من نطق البليغ، ودّعتكم وداع امرئ مرصد للتلاق، غدا تروى آثاري، و يكشف لكم عن سرائري، عليكم السلام الى يوم اللزازم، كنت بالأمس صاحبكم، و أنا اليوم عظة لكم. و غدا مفارقكم. ان أبق فأنا وليّ دمي، و ان أفن فالقيامة ميعادي و العفو أقرب للتقوى فاعفوا عفا اللّه عني و عنكم، أ لا تحبون أن يغفر اللّه لكم و اللّه غفور رحيم!
و روي انّه لما قتل لم يبق حول بيت المقدس حجر إلّا دمي.
و روي ان ابن عباس قال في صبيحة اليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين (عليه السّلام): اني