responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 65


الباب السادس : في ولاية القضاء وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلَّدَ الْقَضَاءُ إلَّا مَنْ تَكَامَلَتْ فِيهِ شُرُوطُهُ الَّتِي يَصِحُّ مَعَهَا تَقْلِيدُهُ وَيَنْفُذُ بِهَا حُكْمُهُ وَهِيَ سَبْعَةٌ : فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا وَهَذَا الشَّرْطُ يَجْمَعُ صِفَتَيْنِ الْبُلُوغَ وَالذُّكُورِيَّةَ ، فَأَمَّا الْبُلُوغُ فَإِنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ قَلَمٌ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ عَلَى نَفْسِهِ حُكْمٌ وَكَانَ أَوْلَى أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ عَلَى غَيْرِهِ حُكْمٌ .
وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلِنَقْصِ النِّسَاءِ عَنْ رُتَبِ الْوِلَايَاتِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِقَوْلِهِنَّ أَحْكَامٌ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ أَنْ تَقْضِيَ الْمَرْأَةُ فِيمَا تَصِحُّ فِيهَا شَهَادَتُهَا ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقْضِيَ فِيمَا لَا تَصِحُّ فِيهِ شَهَادَتُهَا .
وَشَذَّ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فَجَوَّزَ قَضَاءَهَا فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ ، وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلٍ يَرُدُّهُ الْإِجْمَاعُ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : * ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) * .
يَعْنِي فِي الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ ، فَلَمْ يُجِزْ أَنْ يَقُمْنَ عَلَى الرِّجَالِ .
وَالشَّرْطُ الثَّانِي : وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالْعَقْلِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ مِنْ عِلْمِهِ بِالْمُدْرَكَاتِ الضَّرُورِيَّةِ حَتَّى يَكُونَ صَحِيحَ التَّمْيِيزِ جَيِّدَ الْفَطِنَةِ بَعِيدًا عَنْ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ يَتَوَصَّلُ بِذَكَائِهِ إلَى إيضَاحِ مَا أَشْكَلَ وَفَصَلَ مَا أَعْضَلَ .
وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ : الْحُرِّيَّةُ ، لِأَنَّ نَقْصَ الْعَبْدِ عَنْ وِلَايَةِ نَفْسِهِ يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِ وِلَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ ، وَلِأَنَّ الرِّقَّ لَمَّا مَنَعَ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ كَانَ أَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ مِنْ نُفُوذِ الْحُكْمِ وَانْعِقَادِ الْوِلَايَةِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَنْ لَمْ تَكْمُلْ حُرِّيَّتُهُ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَمَنْ رُقَّ بَعْضُهُ ، وَلَا يَمْنَعُهُ الرِّقُّ أَنْ يُفْتِيَ كَمَا لَا يَمْنَعهُ الرِّقُّ أَنْ يَرْوِيَ بِعَدَمِ الْوِلَايَةِ فِي الْفَتْوَى وَالرِّوَايَةِ .
وَيَجُوزُ لَهُ إذَا عَتَقَ أَنْ يَقْضِيَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ وَلَاءٌ لِأَنَّ النَّسَبَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي وِلَايَةِ الْحُكْمِ .
وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ : الْإِسْلَامُ لِكَوْنِهِ شَرْطًا فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : * ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ) * .
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلَّدَ الْكَافِرُ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا عَلَى الْكُفَّارِ .
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ الْقَضَاءَ بَيْنَ أَهْلِ دِينِهِ ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ عُرْفُ الْوُلَاةِ بِتَقْلِيدِهِ جَارِيًا فَهُوَ تَقْلِيدُ زَعَامَةٍ وَرِئَاسَةٍ وَلَيْسَ بِتَقْلِيدِ حُكْمٍ وَقَضَاءٍ ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُمْ حُكْمُهُ لِالْتِزَامِهِمْ لَهُ لَا لُزُومِهِ لَهُمْ ، وَلَا يَقْبَلُ الْإِمَامُ قَوْلَهُ فِيمَا حَكَمَ بِهِ بَيْنَهُمْ .
وَإِذَا امْتَنَعُوا مِنْ تَحَاكُمِهِمْ إلَيْهِ لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهِ

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 65
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست