الْخَزْرَجِ يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ ، وَشِعَارَ الْأَوْسِ يَا بَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَسَمَّى خَيْلَهُ خَيْلَ اللَّهِ ) * .وَالسَّادِسُ : أَنْ يَتَصَفَّحَ الْجَيْشَ وَمَنْ فِيهِ لِيُخْرِجَ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ فِيهِ تَخْذِيلٌ لِلْمُجَاهِدِينَ وَإِرْجَافٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ عَيْنًا عَلَيْهِمْ لِلْمُشْرِكِينَ .* ( فَقَدْ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيِّ ابْنَ سَلُولَ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ لِتَخْذِيلِهِ الْمُسْلِمِينَ ) * ، وَقَالَ تَعَالَى : * ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) * .أَيْ لَا يَفْتِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا .وَالسَّابِعُ : أَنْ لَا يُمَالِئَ مَنْ نَاسَبَهُ أَوْ وَافَقَ رَأْيَهُ وَمَذْهَبَهُ عَلَى مَنْ بَايَنَهُ فِي نَسَبٍ أَوْ خَالَفَهُ فِي رَأْيٍ وَمَذْهَبٍ ، فَيُظْهِرُ مِنْ أَحْوَالِ الْمُبَايَنَةِ مَا تُفَرَّقُ بِهِ الْكَلِمَةُ الْجَامِعَةُ تَشَاغُلًا بِالتَّقَاطُعِ وَالِاخْتِلَافِ ، وَقَدْ أَغْضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُنَافِقِينَ وَهُمْ أَضْدَادٌ فِي الدِّينِ ، وَأَجْرَى عَلَيْهِمْ حُكْمَ الظَّاهِرِ حَتَّى قَوِيَتْ بِهِمْ الشَّوْكَةُ وَكَثُرَ بِهِمْ الْعَدَدُ وَتَكَامَلَتْ بِهِمْ الْقُوَّةُ ، وَوَكِلَهُمْ فِيمَا أَضْمَرَتْهُ قُلُوبُهُمْ مِنْ النِّفَاقِ إلَى عَلَّامِ الْغُيُوبِ الْمُؤَاخِذِ بِضَمَائِر الْقُلُوبِ .قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : * ( وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ) * وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّيحِ الدَّوْلَةُ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْقُوَّةُ فَضَرَبَ الرِّيحَ بِهَا مَثَلًا لِقُوَّتِهَا . ( فَصْلٌ ) وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَحْكَامِ هَذِهِ الْإِمَارَةِ فِي تَدْبِيرِ الْحَرْبِ ، وَالْمُشْرِكُونَ فِي دَارِ الْحَرْبِ صِنْفَانِ : صِنْفٌ مِنْهُمْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ فَامْتَنَعُوا مِنْهَا وَتَابُوا عَلَيْهَا ، فَأَمِيرُ الْجَيْشِ مُخَيَّرٌ فِي قِتَالِهِمْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ يَفْعَلُ مِنْهُمَا مَا عَلِمَ أَنَّهُ الْأَصْلَحُ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَنْكَأُ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ بَيَاتِهِمْ لَيْلًا وَنَهَارًا بِالْقِتَالِ وَالتَّحْرِيقِ ، وَأَنْ يُنْذِرَهُمْ بِالْحَرْبِ وَيُصَافَّهُمْ بِالْقِتَالِ .وَالصِّنْفُ الثَّانِي : لَمْ تَبْلُغْهُمْ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ ، وَقَلَّ أَنْ يَكُونُوا الْيَوْمَ لِمَا قَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ مِنْ دَعْوَةِ رَسُولِهِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْمٌ مِنْ وَرَاءِ مَنْ يُقَابِلُنَا مِنْ التُّرْكِ وَالرُّومِ فِي مَبَادِئِ الْمَشْرِقِ وَأَقَاصِي الْمَغْرِبِ لَا نَعْرِفُهُمْ فَيَحْرُمُ عَلَيْنَا الْإِقْدَامُ عَلَى قِتَالِهِمْ غِرَّةً وَبَيَاتًا بِالْقَتْلِ وَالتَّحْرِيقِ ، وَأَنْ نَبْدَأَهُمْ بِالْقَتْلِ قَبْلَ إظْهَارِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ لَهُمْ وَإِعْلَامِهِمْ مِنْ مُعْجِزَاتِ النُّبُوَّةِ وَإِظْهَارِ الْحُجَّةِ بِمَا يَقُودُهُمْ إلَى الْإِجَابَةِ ، فَإِنْ قَامُوا عَلَى الْكُفْرِ بَعْدَ ظُهُورِهَا لَهُمْ حَارَبَهُمْ وَصَارُوا فِيهِ كَمَنْ بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :* ( اُدْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) * .