وَالْأَصَحِّ .وَلَوْ أَطْلَقَ الْوَزِيرُ تَقْلِيدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَلَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِأَنَّهُ عَنْ الْخَلِيفَةِ وَلَا عَنْ نَفْسِهِ كَانَ التَّقْلِيدُ عَنْ نَفْسِهِ ؛ وَلَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَزْلِهِ ، وَمَتَى انْعَزَلَ الْوَزِيرُ انْعَزَلَ هَذَا الْأَمِيرُ إلَّا أَنْ يُقَرَّ الْخَلِيفَةُ عَلَى إمَارَتِهِ فَيَكُونَ ذَلِكَ تَجْدِيدَ وِلَايَةٍ وَاسْتِئْنَافَ تَقْلِيدٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي لَفْظِ الْعَقْدِ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ابْتِدَاءُ الْعَقْدِ أَنْ يَقُولَ قَدْ قَلَّدْتُكَ نَاحِيَةَ كَذَا إمَارَةً عَلَى أَهْلِهَا وَنَظَرًا عَلَى جَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا عَلَى تَفْصِيلٍ لَا يَدْخُلُهُ إجْمَالٌ وَلَا يَتَنَاوَلُهُ احْتِمَالٌ ، فَإِذَا قَلَّدَ الْخَلِيفَةُ هَذِهِ الْإِمَارَةَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَزْلٌ لِلْوَزِيرِ عَنْ تَصَفُّحِهَا وَمُرَاعَاتِهَا ، وَإِذَا قَلَّدَ الْوَزَارَةَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَزْلٌ لِهَذَا الْأَمِيرِ عَنْ إمَارَتِهِ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ عُمُومُ التَّقْلِيدِ وَخُصُوصُهُ فِي الْوِلَايَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَانَ عُمُومُ التَّقْلِيدِ مَحْمُولًا فِي الْعُرْفِ عَلَى مُرَاعَاةِ الْأَخَصِّ وَتَصَفُّحِهِ وَكَانَ خُصُوصُ التَّقْلِيدِ مَحْمُولًا عَلَى مُبَاشَرَةِ الْعَمَلِ وَتَنْفِيذِهِ .وَيَجُوزُ لِهَذَا الْأَمِيرِ أَنْ يَسْتَوْزِرَ لِنَفْسِهِ وَزِيرَ تَنْفِيذٍ بِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَوْزِرَ وَزِيرَ تَفْوِيضٍ إلَّا عَنْ إذْنِ الْخَلِيفَةِ وَأَمْرِهِ لِأَنَّ وَزِيرَ التَّنْفِيذِ مُعَيَّنٌ وَوَزِيرَ التَّفْوِيضِ مُسْتَبِدٌّ .وَإِذَا أَرَادَ هَذَا الْأَمِيرُ أَنْ يَزِيدَ فِي أَرْزَاقِ جَيْشِهِ لِغَيْرِ سَبَبٍ لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِهْلَاكِ مَالٍ فِي غَيْرِ حَقٍّ ، وَإِنْ زَادَهُمْ لِحُدُوثِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ نُظِرَ فِي السَّبَبِ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُرْجَى زَوَالُهُ لَا تَسْتَقِرُّ بِهِ الزِّيَادَةُ عَلَى التَّأْبِيدِ كَالزِّيَادَةِ لِغَلَاءِ سِعْرٍ أَوْ حُدُوثِ حَدَثٍ أَوْ نَفَقَةٍ فِي حَرْبٍ جَازَ لِلْأَمِيرِ أَنْ يَدْفَعَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِثْمَارُ الْخَلِيفَةَ لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقٍ السِّيَاسَةِ الْمَوْكُولَةِ إلَى اجْتِهَادِهِ ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُ الزِّيَادَةِ مِمَّا يَقْتَضِي اسْتِقْرَارَهَا عَلَى التَّأْبِيدِ كَالزِّيَادَةِ لِحَرْبٍ أَبْلَوْا فِيهَا وَقَامُوا بِالنَّصْرِ حَتَّى انْجَلَتْ أَوْقَفَهَا عَلَى اسْتِثْمَارِ الْخَلِيفَةِ فِيهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ التَّفَرُّدُ بِإِمْضَائِهَا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَرْزُقَ مَنْ بَلَغَ مِنْ أَوْلَادِ الْجَيْشِ وَيَفْرِضَ لَهُمْ الْعَطَاءَ بِغَيْرِ أَمْرٍ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَفْرِضَ لِجَيْشٍ مُبْتَدَإٍ إلَّا بِأَمْرٍ .وَإِذَا فَضَلَ مِنْ مَالِ الْخَرَاجِ فَاضِلٌ عَنْ أَرْزَاقِ جَيْشِهِ حَمَلَهُ إلَى الْخَلِيفَةِ لِيَضَعَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ الْعَامِّ الْمُعَدِّ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ ، وَإِذَا فَضَلَ مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ فَاضِلٌ عَنْ أَهْلِ عَمَلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ حَمْلُهُ إلَى الْخَلِيفَةِ وَصَرْفُهُ فِي أَقْرَبِ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ مِنْ عَمَلِهِ ، وَإِذَا نَقَصَ مَالُ الْخَرَاجِ عَنْ أَرْزَاقِ جَيْشِهِ طَالَبَ الْخَلِيفَةَ بِتَمَامِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، وَلَوْ نَقَصَ مَالُ الصَّدَقَاتِ عَنْ أَهْلِ عَمَلِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَلِيفَةِ بِتَمَامِهِ لِأَنَّ أَرْزَاقَ الْجَيْشِ مُقَدَّرَةٌ بِالْكِفَايَةِ وَحُقُوقُ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ مُعْتَبَرَةٌ بِالْوُجُودِ .إذَا كَانَ تَقْلِيدُ الْأَمِيرِ مِنْ قِبَلِ الْخَلِيفَةِ لَمْ يَنْعَزِلْ بِمَوْتِ الْخَلِيفَةِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْوَزِيرِ انْعَزَلَ بِمَوْتِ الْوَزِيرِ لِأَنَّ تَقْلِيدَ الْخَلِيفَةِ نِيَابَةٌ عَنْ