responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 253


أَخْصَاصٍ فَقَالَ : نَهَيْتُكُمْ عَنْ الْمُعَاقَرَةِ فَعَاقَرْتُمْ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ الْإِيقَادِ فِي الْأَخْصَاصِ فَأَوْقَدْتُمْ ، فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ نَهَاكَ اللَّهُ عَنْ التَّجَسُّسِ فَتَجَسَّسْتَ وَنَهَاكَ عَنْ الدُّخُولِ بِغَيْرِ إذْنٍ فَدَخَلْتَ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : هَاتَانِ بِهَاتَيْنِ وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ .
فَمَنْ سَمِعَ أَصْوَاتًا مِلْأَةً مُنْكَرَةً مِنْ دَارٍ تَظَاهَرَ أَهْلُهَا بِأَصْوَاتِهِمْ أَنْكَرَهَا خَارِجَ الدَّارِ وَلَمْ يَهْجُمْ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ ؛ لِأَنَّ الْمُنْكَرَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْشِفَ عَمَّا سِوَاهُ مِنْ الْبَاطِنِ .
( فَصْلٌ ) وَأَمَّا الْمُعَامَلَاتُ الْمُنْكَرَةُ كَالزِّنَا وَالْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَمَا مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْهُ مَعَ تَرَاضِي الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِهِ إذَا كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى حَظْرِهِ فَعَلَى وَالِي الْحِسْبَةِ إنْكَارُهُ وَالْمَنْعُ مِنْهُ وَالزَّجْرُ عَلَيْهِ وَأَمْرُهُ فِي التَّأْدِيبِ مُخْتَلَفٌ لِحَسَبِ الْأَحْوَالِ وَشِدَّةِ الْحَظْرِ .
وَأَمَّا مَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَظْرِهِ وَإِبَاحَتِهِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي إنْكَارِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا ضَعُفَ الْخِلَافُ فِيهِ وَكَانَ ذَرِيعَةً إلَى مَحْظُورٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ كَرِبَا النَّقْدِ فَالْخِلَافُ فِيهِ ضَعِيفٌ وَهُوَ ذَرِيعَةٌ إلَى رِبَا النَّسَاءِ الْمُتَّفَقِ عَلَى تَحْرِيمِهِ ، فَهَلْ يَدْخُلُ فِي إنْكَارِهِ بِحُكْمِ وِلَايَتِهِ أَوْ لَا ؟ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ .
وَفِي مَعْنَى الْمُعَامَلَاتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهَا عُقُودُ الْمَنَاكِحِ الْمُحَرَّمَةِ يُنْكِرُهَا إنْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى حَظْرِهَا ؛ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِإِنْكَارِهَا إنْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا ضَعُفَ الْخِلَافُ فِيهِ وَكَانَ ذَرِيعَةً إلَى مَحْظُورٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ كَالْمُتْعَةِ فَرُبَّمَا صَارَتْ ذَرِيعَةً إلَى اسْتِبَاحَةِ الزِّنَا ، فَفِي إنْكَارِهِ لَهَا وَجْهَانِ ، وَلْيَكُنْ بَدَلَ إنْكَارِهِ لَهَا التَّرْغِيبُ فِي الْعُقُودِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمُعَامَلَاتِ غِشُّ الْمَبِيعَاتِ وَتَدْلِيسُ الْأَثْمَانِ فَيُنْكِرُهُ وَيَمْنَعُ مِنْهُ وَيُؤَدِّبُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْحَالِ فِيهِ .
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : * ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ ) * .
فَإِنْ كَانَ هَذَا الْغِشُّ تَدْلِيسًا عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَخْفَى عَلَيْهِ فَهُوَ أَغْلَظُ الْغِشِّ تَحْرِيمًا وَأَعْظَمُهَا مَأْثَمًا فَالْإِنْكَارُ عَلَيْهِ أَغْلَظُ وَالتَّأْدِيبُ عَلَيْهِ أَشَدُّ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُشْتَرِي كَانَ أَخَفَّ مَأْثَمًا وَأَلْيَنَ إنْكَارًا ، وَيَنْظُرُ فِي مُشْتَرِيهِ ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ لِيَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ تَوَجَّهَ الْإِنْكَارُ عَلَى الْبَائِعِ لِغِشِّهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي بِابْتِيَاعِهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ بِغِشِّهِ ، فَإِنْ كَانَ يَشْتَرِيهِ لِيَسْتَعْمِلَهُ خَرَجَ الْمُشْتَرِي مِنْ جُمْلَةِ الْإِنْكَارِ وَتَفَرَّدَ الْبَائِعُ وَحْدَهُ ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي تَدْلِيسِ الْأَثْمَانِ .
وَيُمْنَعُ مِنْ تَصْرِيَةِ الْمَوَاشِي وَتَحْفِيلِ ضُرُوعِهَا عِنْدَ الْبَيْعِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فَإِنَّهُ نَوْعٌ مِنْ التَّدْلِيسِ .

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 253
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست