responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 252


وَأَمَّا سُوقُ الدَّادِيُّ فَالْأَغْلَبُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي النَّبِيذِ ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ نَادِرًا فِي الدَّوَاءِ وَهُوَ بَعِيدٌ ، فَبَيْعُهُ عِنْدَ مَنْ يَرَى إبَاحَةَ النَّبِيذِ جَائِزٌ لَا يُكْرَهُ ، وَعِنْدَ مَنْ يَرَى تَحْرِيمَهُ جَائِزٌ لِجَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِهِ ، وَمَكْرُوهٌ اعْتِبَارًا بِالْأَغْلَبِ مِنْ حَالِهِ ، وَلَيْسَ مَنْعُ أَبِي سَعِيدٍ مِنْهُ لِتَحْرِيمِ بَيْعِهِ عِنْدَهُ .
وَإِنَّمَا مِنْ الْمُظَاهَرَةِ بِإِفْرَادِ سُوقِهِ وَالْمُجَاهَرَةِ بِبَيْعِهِ إلْحَاقًا لَهُ بِإِبَاحَةِ مَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى إبَاحَةِ مَقْصِدِهِ لِيَقَعَ لِعَوَامِّ النَّاسِ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ ، وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ إنْكَارُ الْمُجَاهِرَةِ بِبَعْضِ الْمُبَاحَاتِ كَمَا يُنْكَرُ الْمُجَاهَرَةُ بِالْمُبَاحِ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْأَزْوَاجِ وَالْإِمَاءِ .
وَأَمَّا مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ فَلَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَتَجَسَّسَ عَنْهَا وَلَا أَنْ يَهْتِكَ الْأَسْتَارَ حَذَرًا مِنْ الِاسْتِتَارِ بِهَا ، قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : * ( مَنْ أَتَى مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ ) * .
فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِسْرَارُ قَوْمٍ بِهَا لِأَمَارَاتٍ دَلَّتْ ، وَآثَارٍ ظَهَرَتْ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي انْتِهَاكِ حُرْمَةٍ يَفُوتُ اسْتِدْرَاكُهَا ، مِثْلُ أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ يَثِقُ بِصِدْقِهِ أَنَّ رَجُلًا خَلَا بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا أَوْ بِرَجُلٍ لِيَقْتُلَهُ ، فَيَجُوزُ لَهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَتَجَسَّسَ وَيُقْدِمَ عَلَى الْكَشْفِ وَالْبَحْثِ حِذَارًا مِنْ فَوَاتِ مَا لَا يُسْتَدْرَكُ مِنْ انْتِهَاكِ الْمَحَارِمِ وَارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ ، وَهَكَذَا لَوْ عَرَفَ ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْ الْمُتَطَوِّعَةِ جَازَ لَهُمْ الْإِقْدَامُ عَلَى الْكَشْفِ ، وَالْبَحْثُ فِي ذَلِكَ ، وَالْإِنْكَارُ .
كَاَلَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ .
فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ تَخْتَلِفُ إلَيْهِ بِالْبَصْرَةِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هِلَالٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ جَمِيل بِنْتُ مِحْجَنِ بْنِ الْأَفْقَمِ وَكَانَ لَهَا زَوْجٌ مِنْ ثَقِيفٍ يُقَالُ لَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ عُبَيْدٍ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرِ بْنَ مَسْرُوحٍ وَسَهْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَنَافِعَ بْنَ الْحَارِثِ وَزِيَادَ بْنَ عُبَيْدٍ فَرَصَدُوهُ حَتَّى إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ هَجَمُوا عَلَيْهِمَا وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا هُوَ مَشْهُورٌ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُجُومَهُمْ .
وَإِنْ كَانَ حَدَّهُمْ الْقَذْفَ عِنْدَ قُصُورِ الشَّهَادَةِ .
وَالضَّرْبُ الثَّانِي مَا خَرَجَ عَنْ هَذَا الْحَدِّ وَقَصَّرَ عَنْ حَدِّ هَذِهِ الرُّتْبَةِ ، فَلَا يَجُوزُ التَّجَسُّسُ عَلَيْهِ وَلَا كَشْفُ الْأَسْتَارِ عَنْهُ .
حُكِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : دَخَلَ عَلَى قَوْمٍ يَتَعَاقَرُونَ عَلَى شَرَابٍ وَيُوقِدُونَ فِي

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 252
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست