responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 184


فَإِنْ لَحِقَهُ بِوُرُودِهَا ضَرَرٌ مُنِعَتْ وَجَازَ لِلرُّعَاةِ اسْتِقَاءُ فَضْلِ الْمَاءِ لَهَا ، فَإِذَا كَمُلَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الْأَرْبَعَةُ لَزِمَهُ بَذْلُ الْفَضْلِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ ثَمَنًا ، وَيَجُوزُ مَعَ الْإِخْلَالِ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَهُ إذَا بَاعَهُ مُقَدَّرًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ جُزَافًا وَلَا مُقَدَّرًا بِرَيِّ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ .
وَإِذَا احْتَفَرَ بِئْرًا أَوْ مَلَكَهَا وَحَرِيمَهَا ثُمَّ احْتَفَرَ آخَرُ بَعْدَ حَرِيمِهَا بِئْرًا فَنَضَبَ مَاءُ الْأَوَّلِ إلَيْهَا وَغَار فِيهَا أَقَرَّ عَلَيْهَا وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَفَرَهَا لِطَهُورٍ فَتَغَيَّرَ بِهَا مَاءُ الْأَوَّلِ أَقَرَّتْ .
وَقَالَ مَالِكٌ إذَا نَضَبَ مَاءُ الْأَوَّلِ إلَيْهَا أَوْ تَغَيَّرَ بِهَا مُنِعَ مِنْهَا وَطُمَّتْ .
( فَصْلٌ ) وَأَمَّا الْعُيُونُ فَتَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ : أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مِمَّا أَنَبَعَ اللَّهُ تَعَالَى مَاءَهَا وَلَمْ يَسْتَنْبِطْهُ الْآدَمِيُّونَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَا أَجْرَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْأَنْهَارِ ، وَلِمَنْ أَحْيَا أَرْضًا بِمَائِهَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ ، فَإِنْ تَشَاحُّوا فِيهِ لِضِيقِهِ رُوعِيَ مَا أُحْيِيَ بِمَائِهَا مِنْ الْمَوَاتِ ، فَإِنْ تَقَدَّمَ فِيهِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ كَانَ لِأَسْبَقِهِمْ إحْيَاءً أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهَا شُرْبَ أَرْضِهِ ثُمَّ لِمَنْ يَلِيهِ ، فَإِنْ قَصُرَ الشُّرْبُ عَنْ بَعْضِهِمْ كَانَ نُقْصَانُهُ فِي حَقِّ الْأَخِيرِ ، وَإِنْ اشْتَرَكُوا فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى سَوَاءٍ وَلَمْ يَسْبِقْ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا تَحَاصُّوا فِيهِ إمَّا بِقِسْمَةِ الْمَاءِ وَإِمَّا بِالْمُهَايَأَةِ عَلَيْهِ .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي : أَنْ يَسْتَنْبِطَهَا الْآدَمِيُّونَ فَتَكُونَ مِلْكًا لِمَنْ اسْتَنْبَطَهَا وَيَمْلِكَ مَعَهَا حَرِيمَهَا وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ الْمَعْهُودِ فِي مِثْلِهَا وَمُقَدَّرٌ بِالْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إلَيْهَا .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : حَرِيمُ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَلِمُسْتَنْبِطِ هَذِهِ الْعَيْنِ سَوْقُ مَائِهَا إلَى حَيْثُ شَاءَ وَكَانَ مَا جَرَى فِيهِ مَاؤُهَا مِلْكًا لَهُ وَحَرِيمُهُ .
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ : أَنْ يَسْتَنْبِطَهَا الرَّجُلُ فِي مِلْكِهِ فَيَكُونَ أَحَقَّ بِمَائِهَا لِشُرْبِ أَرْضِهِ ؛ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ كِفَايَتِهَا فَلَا حَقَّ عَلَيْهِ فِيهِ إلَّا لِشَارِبٍ مُضْطَرٍّ ، وَإِنْ فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِ ، وَأَرَادَ أَنْ يُحْيِيَ بِفَضْلِهِ أَرْضًا مَوَاتًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ لِشُرْبِ مَا أَحْيَاهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ لِمَوَاتٍ أَحْيَاهُ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لِأَرْبَابِ الْمَوَاشِي دُونَ الزَّرْعِ كَفَضْلِ مَاءِ الْبِئْرِ ، فَإِنْ اعْتَاضَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْبَابِ الزَّرْعِ جَازَ ، وَإِنْ اعْتَاضَ مِنْ أَرْبَابِ الْمَوَاشِي لَمْ يَجُزْ .
وَيَجُوزُ لِمَنْ احْتَفَرَ فِي الْبَادِيَةِ بِئْرًا فَمَلَكَهَا أَوْ عَيْنًا اسْتَنْبَطَهَا أَنْ يَبِيعَهَا ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ثَمَنُهَا .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا وَيَحْرُمُ ثَمَنُهَا .
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبُو الزِّنَادِ إنْ بَاعَهَا لِرَغْبَةٍ جَازَ ، وَإِنْ بَاعَهَا لِخَلَاءٍ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْمَالِكِ أَحَقَّ بِهَا بِغَيْرِ ثَمَنٍ ، فَإِنْ رَجَعَ الْخَالِي فَهُوَ أَمْلَكُ لَهَا .

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 184
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست