responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 183


حَرِيمُهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ رِشَاؤُهَا أَبْعَدَ فَيَكُونُ لَهَا مُنْتَهَى رِشَائِهَا .
قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَحَرِيمُ بِئْرِ الْعَطَنِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا ، وَهَذِهِ مَقَادِيرُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِنَصٍّ ، فَإِنْ جَاءَهَا نَصٌّ كَانَ مُتَّبَعًا ، وَإِلَّا فَهُوَ مَعْلُولٌ وَلِلتَّقْدِيرِ بِمُنْتَهَى الرِّشَاءِ وَجْهٌ يَصِحُّ اعْتِبَارُهُ وَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الْعُرْفِ الْمُعْتَبَرِ ، فَإِذَا اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى الْبِئْرِ وَحَرِيمِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِمَائِهَا .
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ هَلْ يَصِيرُ مَالِكًا لَهُ قَبْلَ اسْتِقَائِهِ وَحِيَازَتِهِ ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى مِلْكِهِ فِي قَرَارِهِ قَبْلَ حِيَازَتِهِ ؛ كَمَا إذَا مَلَكَ مَعْدِنًا مَلَكَ مَا فِيهِ قَبْلَ أَخْذِهِ ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ اسْتِقَائِهِ ، وَمَنْ اتَّقَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ اسْتَرْجَعَ مِنْهُ .
وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بَعْدَ الْحِيَازَةِ ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ مَوْضُوعٌ عَلَى الْإِبَاحَةِ ، وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا بِاسْتِقَائِهِ ، فَإِنْ غَلَبَهُ مِنْ اسْتِقَاءٍ لَمْ يَسْتَرْجِعْ مِنْهُ شَيْئًا ، فَإِذَا اسْتَقَرَّ حُكْمُ هَذِهِ الْبِئْرِ فِي اخْتِصَاصِهِ بِمِلْكِهَا وَاسْتِحْقَاقِهِ لِمَائِهَا فَلَهُ سَقْيُ مَوَاشِيهِ وَزَرْعِهِ وَنَخِيلِهِ وَأَشْجَارِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ كِفَايَتِهِ فَضْلٌ لَمْ يَلْزَمْهُ بِذَلِكَ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا لِمُضْطَرٍّ عَلَى نَفْسٍ .
وَرَوَى الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى أَهْلَ مَاءٍ فَاسْتَسْقَاهُمْ فَلَمْ يَسْقُوهُ حَتَّى مَاتَ فَأَغْرَمَهُمْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الدِّيَةَ ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ بَعْدَ كِفَايَتِهِ فَضْلٌ لَزِمَهُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَبْذُلَ فَضْلَ مَائِهِ لِلشَّارِبَةِ مِنْ أَرْبَابِ الْمَوَاشِي وَالْحَيَوَانِ دُونَ الزَّرْعِ وَالْأَشْجَارِ .
وَقَالَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ جُرْثُومَةَ لَا يَلْزَمْهُ بَذْلُ الْفَضْلِ مِنْهُ لِحَيَوَانٍ وَلَا زَرْعٍ .
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ لِلْحَيَوَانِ دُونَ الزَّرْعِ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ وُجُوبِ بَذْلِهِ لِلْحَيَوَانِ دُونَ الزَّرْعِ هُوَ الْمَشْرُوعُ .
رَوَى أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : * ( مَنْ مَنَعَ فَضْلَ الْمَاءِ لِيَمْنَعَ بِهِ فَضْلَ الْكَلَأِ مَنَعَهُ اللَّهُ فَضْلَ رَحْمَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) * .
وَبَذْلُ هَذَا الْفَضْلِ مُعْتَبَرٌ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ : أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ فِي قَرَارِ الْبِئْرِ ، فَإِنْ اسْتَقَاهُ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ .
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِكَلَأٍ يَرْعَى ، فَإِنْ لَمْ يَقْرُبْ مِنْ الْكَلَأِ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ .
وَالثَّالِثُ : أَنْ لَا تَجِدَ الْمَوَاشِي غَيْرَهُ ، فَإِنْ وَجَدَتْ مُبَاحًا غَيْرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ وَعَدَلَتْ الْمَوَاشِي إلَى الْمَاءِ الْمُبَاحِ ، فَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَوْجُودِ مَمْلُوكًا لَزِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَالِكِي الْمَاءَيْنِ أَنْ يَبْذُلَ فَضْلَ مَائِهِ لِمَنْ وَرَدَ إلَيْهِ ، فَإِذَا اكْتَفَتْ الْمَوَاشِي بِفَضْلِ أَحَدِ الْمَاءَيْنِ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ الْآخَرِ .
الرَّابِعُ : أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ فِي وِرْدِ الْمَوَاشِي إلَى مَائِهِ ضَرَرٌ يَلْحَقُهُ فِي زَرْعٍ وَلَا مَاشِيَةٍ

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست