ماشيته إلى فوات تلك الفرصة منه . وعلى العكس من ذلك الأرض التي يحيها الفرد ، ويخلق فهيا فرصة الانتفاع بها عن طريق إحيائه لها ، فإن الأرض بطبيعتها لا تتسع لإستثمارين في وقت واحد ، فلو بادر شخص إلى أرض محياة واستثمرها لإنتزع بذلك من العامل الذي أحياها الفرصة التي خلقها ، لأن الأرض إذا وظفت في إنتاج زراعي لا يمكن أن تقوم بدور مماثل ، ولا أن تستغل لأغراض الإنتاج من تقبل فرد آخر . وهكذا نعرف أن الأرض المحياة لا يجوز لغير العامل الذي أحياها أن يستثمرها وينتفع بها ، لأنه يضيع على العامل الفرصة التي يملكها بعمله . فلكي يحتفظ العامل بهذه الفرصة لا يسمح لغيره باستثمار الأرض ، سواء كان العامل يفكر في استغلال الفرصة فعلاً أولا ، لأنها على أي حال فرصته الأرض التي خلقها ، ومن حقه الاحتفاظ بها ما دامت جهوده التي أنفقها لإحياء الأرض مجسدة فيها . وخلافاً لذلك يسمح في عيون الماء لغير العامل الذي اكتشفها أن يستفيد منها فيما زاد على حاجة العامل [1] ، لأن ذلك لا يجرد المكتشف من الفرصة التي خلقها ، لقدرة العين على تلبية طلبات العامل الذي اكتشفها ، واشباع حاجة الآخرين في وقت واحد ، فاختلاف الأرض عن العين في طبيعتها وطريقة استغلالها هو السبب الذي يفسر السماح للآخرين بالاستفادة من العين دون الأرض . وأما المنجم المكتشف ، فقد أجاز الإسلام لأي فرد أن يستفيد منه ، بالطريقة التي لا تؤدي إلى حرمان المكتشف من الفرصة التي خلقها . وذلك بالحفر في موضع آخر من المنجم ، أو بالاستفادة من نفس الحفرة التي أنشأها المكتشف الأول ، إذا كانت واسعة تتيح للغير أن يستفيد منها دون أن ينتزع من المكتشف فرصة الانتفاع . فالمقياس العام للسماح لغير العامل ، أو منعه عن الانتفاع بالمرفق الطبيعي الذي أحياه العامل وخلق فيه فرصة الانتفاع ، هو : مدى تأثير ذلك على الفرصة التي خلقا العامل باحيائه للمصدر الطبيعي .