responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 228


الاشتراكي الماركسي ، يختلف عن أي مالك سابق في نقطة ، وهي أنه لا يستطيع ان يعترف بملكيته قانونياً ، لأن ذلك يناقض طبيعة موقفه السياسي . فالاشتراكية - بحكم طبيعتها السياسية - تحمل بذرة هذا المالك الجديد وتخلقه عبر تجربتها ، وان كانت تفرض عليه في نفس الوقت أن ينكر دوره الحقيقي في الحياة الاقتصادية وتجعله أكثر حياء وخجلاً من الرأسمالي ، الذي كان يعلن بكل وقاحة عن ملكيته الخاصة .
وليس التأميم في الاشتراكية الماركسية حدثاً فريداً في التاريخ ، فقد وقعت تجارب سابقة لفكرة التأميم عبر التاريخ ، إذ قامت بعض الدول القديمة بتأميم كل وسائل الإنتاج ، وحصلت بسبب ذلك على مكاسب تشابه تماماً المكاسب ، التي حصلت عليها الاشتراكية الماركسية في تجربتها . ففي بعض الممالك الهيلينستية وفي مصر خاصة اتبعت الدولة مبدأ التأميم ، وأخضعت الإنتاج والمبادلة لإشرافها ، وتولت بنفسها إدارة معظم فروع ، الإنتاج ، فجلب هذا النظام للدولة فوائد كبيرة ، ولكنه حيث كان ينفذ في إطار سلطة فرعونية مطلقة ، لم يستطع بعد ذلك أن يخفي جوهره . فإن التأميم في ظل سلطة مطلقة تنشئ الملكية الجماعية لتوسعة الإنتاج ، لا يمكن أن يؤدي واقعياً إلا إلى تملك السلطة نفسها ، وتحكمها في الممتلكات المؤممة . . ولهذا ظهرت في التجربة القديمة خيانة الموظفين ، واستبداد السلطة التي كانت تتجسد في شخص الملك ، حتى قفز الملك إلى درجة ( إله ) وأصبحت القوى الهائلة تنفق كلها لحساب هذا الإله الحاكم ، وتحقيق رغباته من بناء المعابد والقصور والقبور .
ولم يكن من الصدفة أن تقترن تجربة التأميم في اقدم العهود الفرعونية . . . بنفس الظواهر التي اقترنت بها تجربة التأميم الماركسية في العصر الحديث ، من التقدم السريع في حركة الإنتاج . وتمتع السلطة بقوة تشتد وتنمو بشكل هائل ، وانحرافها وإستبدادها بعد ذلك بالثروة المؤممة . فقد تقدمت حركة الإنتاج في ظل التجربة الحديثة للتأميم ، كما تقدمت في ظل التأميم الفرعوني ، لأن التسخير غير الحر ، في الإنتاج ، يثمر دائماً التقدم السريع الموقوت في حركة الإنتاج . ونشأ التأميم في كل من التجربتين في ظل سلطة عليا ، لا تعترف لنفسها بحدود لأن التأميم حينما يقصد منه

اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 228
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست