وهكذا نعرف ، أن للأفراد أدوارهم في التاريخ ، التي تحددها لهم العوامل الطبيعة والنفسية ، لأقوى الإنتاج السائدة في المجتمع . وليست هذه الأدوار التاريخية ، التي يقوم بها الأفراد وفقاً لتكوينهم الخاص أدواراً ثانوية في عملية التاريخ دائماً ، كما زعم ( بليخانوف ) الكاتب الماركسي الكبير إذ أكد على : ( ( ان الخصائص الفردية ، التي يتصف بها الرجال العظام ، تحدد السمة الخاصة للحوادث التاريخية ، وتحدد عامل المصادفة . . . وتلعب دوراً جزئياً في مجرى هذه الحوادث ، التي تحدد اتجاهها في النهاية ، الأسباب الموصوفة بالعامة ، أي بتطور القوى المنتجة ، وبالعلاقات التي تحددها هذه القوى بين الناس ) ) . [1] ولا نريد أن نعلّق على تأكيد ( بليخانوف ) هذا ، إلا بمثال واحد ، نستطيع أن ندرك في ضوئه : كيف يمكن أن يكون دور الفرد ، سبباً لتحوّل الاتجاه التاريخي بشكل حاسم ؟ فماذا كان يقدّر لوجهة التاريخ العالمي ، لو أن عالماً ذرياً في ألمانيا النازية ، قد سبق إلى اكتشاف سر الذرة بعدة شهور فقط . ألم يكن امتلاك هتلر لهذا السر ، كفيلاً بتغيير وجهة التاريخ ، وتقويض الديمقراطية الرأسمالية ، والاشتراكية الماركسية من أوروبا ؟ فلماذا لم يستطع هتلر أن يملك هذا السر ؟ ليس ذلك طبعاً بسبب من الوضع الاقتصادي ، ونوعية القوى المنتجة ، وإنما هو لأن الفكر العلمي ، لم يستطع في تلك اللحظة أن يستكشف السر الذي اكتشفه بعد ذلك بعدة شهور فقط ، تبعاً لظروفه الفسيولوجية والسيكولوجية . بل ماذا كان يمكن أن يقع ، لو أن العلماء الروس لم يصلوا إلى سر الذرة ؟ ألم يكن من الممكن أن يستغل المعسكر الرأسمالي ، في تلك اللحظة قوى الذرة ، في القضاء على الحكومات الاشتراكية ؟ ! فبم نستطيع أن نفسر اكتشاف العلماء الروس للسر ، الأمر الذي أنقذ العالم الاشتراكي من الدمار ؟ لا يمكننا أن نقول أن قوى الإنتاج ، هي التي أزاحت الستار عن هذا السر ، وإلا فلماذا لم يدركه نفر خاص ، من العدد