المادية التاريخية على خطأ في نظرتها ، وإنما كان من الضروري أن لا تتكشف حقيقة تلك الأسباب ، أمام أبصارهم ، وإلا لما كانت هناك عملية أيديولوجية . ومن حقنا أن نقول - بدورنا - لأنجلز : إذا كان من الضروري حقاً ، أن تظل الدوافع الحقيقية لكل إيديولوجية مجهولة عند أصحابها ، لئلا تخرج عن صفتها علمية إيديولوجية . . فكيف جاز لأنجلز نفسه أن يحطم هذه الضرورة ، ويصنع المعجزة ، ويتقدم إلى البشرية بإيديولوجية جديدة ، ظلت تتمتع بصفتها الفكرية والإيديولوجية ، بالرغم من علمه بأسبابها وبواعثها الحقيقية ؟ ! . ونبدأ الآن بالتفاصيل : أ - الدين : فالدين يحتل جزءاً بارزاً على الصعيد الفكري ، وقد لعب لأجل هذا أدواراً فعالة ، في تكوين العقلية الإنسانية أو بلورتها ، واتخذ على مر الزمن أشكالاً مختلفة ومظاهر متنوعة . فلابد للماركسية - وقد استبعدت عن تصميمها المذهبي كل حقائق الدين الموضوعية ، من الوحي والنبوة والصانع - أن تصطنع للدين وتطوراته تفسيراً مادياً . وكان من الشائع في أوساط المادية ، أن الدين نشأ نتيجة لعجز الإنسان القديم وإحساسه بالضعف ، بين يدي الطبيعة وقواها المرعبة ، وجهله بأسرارها وقوانينها . . ولكن الماركسية لا ترتضي هذا التفسير ، لأنه يشذ عن قاعدتها المركزية ، فلا يربط الدين بالوضع الاقتصادي ، القائم على أساس الإنتاج الذي يجب أن يكون هو المفسر والسبب الوحيد ، لكل ما يحتاج إلى تفسير وسبب . قال كونستانتيوف : ( ( ولكن الماركسية اللينينية ، قد حاربت دائماً مثل هذا المسخ للمادية التاريخية ، وأثبتت أنه ينبغي البحث عن منبع الأفكار : الاجتماعية والسياسية والحقوقية والدينية ، في الإقتصاد ، قبل كل شيء ) ) [1] .