معقدة ، فلا يعدو عند التحليل أن يكون - بشكل أو آخر - نتاجاً للعامل الاقتصادي . وعلى هذا الأساس تفسر الماركسية تاريخ الفكر ، وما يزخر به من ثورات وتطورات عن طريق الظروف المادية ، والتكوين الاقتصادي للمجتمع والقوى المنتجة . وهذا الإطار الاقتصادي ، الذي تضع الماركسية ضمنه كل أفكار الإنسان جدير بالبحث العلمي والفلسفي ، أكثر من سائر الجوانب الأخرى في البناء الماركسي للتاريخ لما يؤدي اليه من نتائج خطيرة في ( نظرية المعرفة ) وتحديد قيمتها ومقاييسها المنطقية . ولهذا كان من الضروري دراسة هذا الرأي ، خلال البحث الفلسفي في ( نظرية المعرفة ) وقد عرضنا في ( فلسفتنا ) لهذا الرأي في نظرة عابرة ، ونحن الآن نتوفر على تطوير تلك النظرة ، إلى دراسة مفصلة لهذا الرأي ، في الطبعة الثانية من كتاب ( فلسفتنا ) . ولأجل هذا ، فسوف نترك اليه مهمة البحث المستوعب لرأي الماركسية في الفكر غير أن هذا لا يمنعنا عن دراسته ونقده ، في الحدود التي يتسع لها البحث في هذا الكتاب . وكي نشرح رأي الماركسية بشكل واضح ، نركز الحديث على المظاهر الرئيسية في الحياة العقلية وهي : الأفكار الدينية ، والفلسفية ، والعلمية ، والاجتماعية . وقبل ان نتناول التفاصيل ، نود أن نسجل نصاً لأنجلز ، كتبه بصدد عرض رأي الماركسية الذي ندرسه . فقد قال في رسالته إلى فرانز مهرنج : ( ( إن الإيديولوجيا عملية يقوم بها المفكر ، عن وعي وشعور من جانبه ، ولكنه شعور باطل حقاً . فالبواعث الحقيقية التي تدفعه ، تظل غير معروفة له ، وإلا لما كانت عملية إيديولوجية مطلقاً . ومن هنا تراه يتخيل دوافع باطلة أو ظاهرية . . . دون فالبواعث الحقيقية التي تدفعه ، تظل غير معروفة له ، وإلا لما كانت عملية إيديولوجية مطلقاً . ومن هنا تراه يتخيل دوافع باطلة أو ظاهرية . . . دون تمحيص أو بحث عن عملية أخرى أبعد ، مستقلة عن الفكر ) ) [1] . ويريد أنجلز بهذا ، ان يبرر جهل المفكرين جميعاً ، بالأسباب الحقيقية التي خلقت لهم أفكارهم ، ولم يتح اكتشافها إلا للمادية التاريخية . فلم يكن يعين جهلهم بالأسباب ، التي تحددها المادية التاريخية لمجرى التفكير الإنساني ، إنها لم تكن أسباباً حقاً ، وإن