responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 624


كان مزاجه باردا رطبا إما من البنية ، وإما لحال عرضت له ، أو من كان من أهل الدعة والسكون أو من قد اجتمع في بدنه أخلاط كثيرة غليظة نيئة ، وبخاصة في زمان الشتاء والهواء البارد والبلد الكذلك ، كانت منفعته له بينة ظاهرة من قرب لأنه يلطف الأثفال ويقطع الرطوبات وينقي العروق والقنوات من . . [1] ويستفرغها بالبول والعرق . ولذلك وجب ألا يمتنع منها من كان محتاجا إلى التدبير الملطف . ولجالينوس في الأشربة فصل قال فيه : من أوفق الأشربة لمن كان في عروقه أخلاط غليظة حارة الشراب الأبيض اللطيف أو الشراب الأبيض الخمري ، وبعدهما الشراب المورد والشراب الخوصي المعتدل الزمان . فإن كانت الأخلاط مع غلظها باردة فأوفق الأشربة لصاحبها الشراب الأصفر الحاد العتيق . قال إسحاق :
والأشقر الكذلك . وإن كانت الأخلاط ، مع غلظها ، لا حارة ولا باردة فأوفق الأشربة لصاحبها ما لم يكن فيه واحدة من هاتين الخلتين ، أعني ما لم يكن أبيض [2] رقيقا ولا أصفر ( 2 ) عتيقا بل متوسطا ( 3 ) بين ذلك مثل الشراب الأصفر المعتدل والأشقر الذي هو كذلك والشراب المورد العتيق الخوصي الكذلك . ومن فضيلة الشراب ومنافعه : أنه إذا أخذت منه باقتصاد وتوسط واعتدال ، زاد في الدم المحمود لمشاكلته له في طبيعته ولونه وقوامه ، وطيب طعم المأكل والمشرب ، ونبه الشهوة للغذاء والباه جميعا بتقويته الروح الحيواني والروح النفساني والقوى الطبيعية ، لأنه يقوي المعدة على جذب الغذاء وإمساكه وهضمه ودبغه ، بعطريته ، وتنقيته الرطوبات الفاسدة المذمومة بحدته ولطافته ، ويسوي تأليف البدن وتقويته ، وينسي الأحزان والهموم ويدفع الكريه المذموم من أعراض الدنيا ويجلب الجيد المألوف من محبوبها ، ويجعل الجلف ( 4 ) الجافي للوفاء عطوفا ، والقاسي الغليظ لينا شفيقا ويظهر من محاسن النفس أشرفها وأفضلها مثل الكرم والجود والسماحة والسخاء والتصافي والمحابة ويعين الهمة والشجاعة والحلم والبلاغة ، ويجعل الفدم ( 5 ) الصموت محجاجا ( 6 ) ، والبليد الثقيل جريئا خفيفا . ويدل على ذلك ويشهد به قول قاله روفس ، حكاه عن اليونانيين والفرس ، زعم فيه أن الفرس كانوا يستعملون الشراب دائما في وقت المشاورة والمفاوضة في الرأي والتدبير ، فيجدونه مذكيا لعقولهم ومقويا لأذهانهم ومسنحا ( 7 ) لهم المحمود من الرأي والصواب من التدبير .
فأما اليونانيون ( 8 ) فزعم أنهم كانوا يستعملونه عند إنشادهم الاشعار واستعمالهم الملاهي وضربهم بالعيدان فيجدونه يحد أذهانهم ويذكي عقولهم ويخرج ما في قلوبهم ورؤيتهم من القوة إلى الفعل .
ولذلك صار من الأفضل أن يحذر منه من ( 9 ) تغلب على العقل ومسكنه ويسلبه لبه ويخرج إلى السكر ،



[1] بياض في الأصل مقدار كلمة . ولعلها ( الفضول ) .
[2] في الأصل ، بالتنوين . ( 3 ) في الأصل : متوسط . ( 4 ) الجلف : الرجل الجافي خلقا وخلقا . ( 5 ) العيي عن الكلام في ثقل وقلة فهم . ( 6 ) المحجاج : هو الرجل الجدل . ( 7 ) سنح له الرأي : تيسر . ( 8 ) في الأصل : اليونانيين . ( 9 ) كذا في الأصل . ولعل انقطاعا هنا في السياق .

اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 624
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست