responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 590


لقربها من المدن وأوساخها ولما ينصب إليها من المدن من مبلات الكنان وقنوات الحمامات .
وأما السمك البحري فيكون على ثلاثة ضروب : لان منه ما يأوي إلى البحيرات القريبة من مصب الأنهار من جهة ، وطرف البحر من جهة ، والأنهار تنصب إليها دائما وهي تنصب إلى البحر . ومنه ما يأوي إلى البحيرات المنقطعة عن البحر ولا يتفرغ منها شئ إلى البحر ، وإن كانت المنقطعة عن البحر والأنهار جميعا ، فإنها لا ينصب إليها منها شئ وهي لا يتفرع منها شئ إلى البحر أصلا . فأفضل سمك الماء العذب وأقله لزوجة وسهوكة وأبعده من العذوبة وأقله شحما وألذه طعما وألينه لحما وأسرعه انهضاما ، السمك الرضراضي المتولد في الأنهار العظام القوية المد ، الجارية على الحجارة والحصى الرضراضي ، الصافية الماء ، البريئة من الأوساخ وأوساخ المدن ومزابلها لبعدها منها . وذلك أن قوة جري الماء ومصادمة الماء للسمك دائما وللحصى يكسر لحم السمك ويرخيه ويزيل عنه أكثر لزوجته وغلظه ، لا سيما إذا كان في ماء ضحضاح [1] قريب من الأرض ، لان السمك إذا كان قريبا من الأرض ، كان أكثر لمصادمته للحصى ، وصفاء الماء ونقائه من الأوساخ ، أوساخ المدن ومزابلها ، يزيل عنه أكثر حلاوته ويذهب بأكثر سهوكته وزهومته ويصيره قريبا من السمك اللجي على الحقيقة والصخري على المجاز ، وإن كانت رطوبته أزيد قليلا بالطبع لعذوبة مائه ورطوبته . ولذلك صار أعذب وأحلى وأطيب طعما من السمك البحري في الجملة .
وأما السمك المتولد في الأنهار الصغار القليلة المد الجارية على الطين والحمأة الكثيرة الأوساخ والكدر ، لقربها من المدن ومن أوساخها ومزابلها وانصباب قنوات الحمامات ومبلات الكنان إليها ، فإنها في الجملة أكثر لزوجة وسهوكة وأغلظ لحما وأبعد انهضاما وأكثر حلاوة وأقل لذاذة وأردأ غذاء ، لان قلة حركة الماء ولين جريه يحصر الرطوبات الغليظة في بدن السمك ويمنع من تحليلها ، ويغلظ لحمه .
ووسخ الماء وكدورته وفساده لما يداخله في أوساخ المدن ومزابلها وقنوات حماماتها ومبلات كنانها يفيده سهوكة وزهومة وسرعة استحالة إلى الفساد .
وأما السمك البحيري فهو أذم الأسماك وأردأها وأكثرها سهوكة وزهومة وأغلظها لحما وأبعدها انهضاما وأكثرها حلاوة وأبعدها من اللذاذة . وأذم ما في البحيرات وأبعده من المشاكلة للغذاء وأكثره [2] لزوجة وسهوكة وغلظا وأسرعه [3] انقلابا إلى الفساد ، سمك الآجام المنقطعة عن البحر والأنهار لان ماءها أبدا راكد [4] ، دائم السكون ، عديم الحركة ، كثير العفونة والطين والحمأة ، من قبل أن الأنهار لا تصب إليها شيئا فيبلو ماءها في كل وقت ، ويتجدد ويرق ويلطف وهي لا يتفرع منها شئ في البحر فيغسل ماءها ويزول عنه بعض وسخه ونتنه ، وأكثره مما يخرج منها . ومما يدل على ذلك سرعة فساد سمكها



[1] الضحضاح : الماء القريب القعر : ما رق من الماء على وجه الأرض يبلغ إلى الكعبين ، أو ما لا غرق فيه .
[2] في الأصل : وأكثرها .
[3] في الأصل : وأسرعها .
[4] في الأصل : راكدا .

اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 590
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست