responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 582


وقلة طيرانه ، وبخاصة إذا كانت فتية ولها ذكورة ، لان ما كان من البيض كذلك من حيوان فتي له ذكر ، كان أقوى لحرارته الغريزية ، وأسرع لانهضامه ، وأقل لزهومته .
وفى دون ما تقدم ذكره من البيض في الفضل بيض الإوز ، إلا أنه أغلظ وأبعد انهضاما وانحدارا وأثقل على المعدة وأبطأ نفوذا في العروق ، إلا أنه ، إذا قويت الطباع عليه وجاد هضمه في المعدة والكبد ، كان غذاؤه أكثر وأقوى مما تقدم ذكره . وبعد بيض الإوز في الفضل بيض النعام ، إلا أنه أثقلها وأبعدها انهضاما وانحدارا وأكثرها زهومة وزفورة . وأكثر البيض فضولا بيض الطواويس لكثرة فضول حيوانه بالطبع . وأكثر البيض إسخانا وتجفيفا وإحراقا للدم بيض العصافير ، لان الحمام وإن كان في طبيعته حارا يابسا فإنه ، بإضافته إلى العصافير أقل حرارة وأزيد رطوبة وأفضل غذاء .
وأما اختلاف البيض بحسب مدة زمانه وما مضى له من بعد خروجه من حيوانه فيكون على ضروب : لان منه الطري القريب العهد بالخروج من الحيوان ، ومنه العتيق البعيد العهد بالخروج من الحيوان ، ومنه المتوسط بين ذلك . فما كان طريا قريب العهد ، كان أفضل وأحمد غذاء وأجود جوهرا وأسرع انهضاما ، لان حرارته الغريزية أقوى وزهومته أقل ولذاذته أكثر . وكلما كان أبعد عهدا بالخروج كان أذم وأفسد غذاء وأردأ جوهرا وأبعد انهضاما ، لان حرارته الغريزية أضعف وزهومته أكثر ولذاذته أقل .
وهذا السبب هو أعظم الأسباب التي يلحق البيض فيها الفساد . ولذلك قال جالينوس : إن البيض ليس يكاد يلحقه الفساد ، إلا أن يعتق وتزول عنه حرارته الغريزية فيحدث فيه غليان وتعفن ويزيده عفونة ويفيده زهومة وزفورة . وهذا شئ قد يمكن للانسان التحرز منه لأنه قادر على ألا يستعمل من البيض إلا ما كان طريا ليومه . وأما اللبن فليس كذلك لان الفساد يلحقه من جهات لان كثيرا ما يتعفن ويفسد متى لم يسمن الحيوان الذي هو منه على ما ينبغي ، أو كان الحيوان يأكل أغذية فاسدة ، أو جاع الحيوان جوعا شديدا ، أو عطش عطشا قويا كالذي نجده يعرض في ألبان النساء إذا أسأن في تدبيرهن وخلطن في أغذيتهن أو أدمن الصوم .
فإن عارضنا معترض وقال : فإذا كان البيض لا يلحقه الفساد إلا من هذه الجهة الواحدة ، فلم صار بيض الدجاج والدراج أفضل البيض ، وبيض الفتي أفضل من بيض الهرم ، وبيض ما له ذكر أفضل من بيض ما ليس له ذكر ! قلنا : إن المعارضة فاسدة من قبل أنك قابلت بيض الحيوان الواحد [1] من جنس واحد وجوهر واحد ، وان اختلفت [2] أحواله ، ببيض حيوانات شتى مختلفة الطباع والجواهر والأجناس . وقد كنا بينا أن كل بيض مشاكل لجوهر حيوانه الذي هو منه ، محمودا [3] كان ذلك الحيوان أو مذموما ( 3 ) . ولذلك صار البيض من كل واحد من الحيوان مخالفا لبيض ما خالفه في جنسه وجوهره من



[1] في الأصل : واحد .
[2] في الأصل : اختلف .
[3] في الأصل ، بالرفع .

اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 582
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست