التفاهة أصلح قليلا وأقل إضرارا بالمعدة لما فيه من زيادة الليانة وقلة اليبوسة . ولذلك صار مقويا للمعدة . وما كان أحمر خمريا ، كان أكثر تبريدا وأقل رطوبة لان برودته في وسط الدرجة الثانية ، ورطوبته في أولها . ولذلك صار أفضل لمن احتاج إلى تبريد المعدة وتقويتها ، إلا أن تليينه للبطن أقل . والأفضل من الإجاص ما كان لحيما رقيق القشر ، في طبيعته مرارة مع يسير من قبض . وينبغي لآكله أن يقدمه قبل طعامه بساعة لأنه إذا وافى المعدة خالية من الطعام ، أطفأ الحرارة وسكنها ، وأسهل مرة صفراء . وأما المبلغمون فينبغي أن يتناولوا [1] بعقبه نبيذ العسل ليجلو ما يتولد في المعدة من رطوبته . وإذا طبخ الإجاص وصفي ماؤه وشرب بسكر أو بعسل ، كان أقوى لاطلاق البطن ولا سيما إذا لبث الانسان بعد شربه له وقتا طويلا لم يتناول غذاء . وأما ديسقيريدس فذكر في الإجاص الشامي وبخاصة الدمشقي أنه إذا أكل ، حبس البطن . وأنكر جالينوس ذلك وقال : ما أدرى كيف قال ديسقوريدوس هذا في الإجاص الدمشقي ونحن نجده يطلق البطن . وما أحسب أن ديسقيريدس قال هذا القول مطلقا ، لكنه قاله بالإضافة إلى غيره من الإجاص وبخاصة إذا أضيف إلى الإجاص المجلوب من أرمينية الداخلة ، لان الإجاص الدمشقي أقل الإجاص إطلاقا للطبيعة لغلبة القبض عليه . والإجاص المجلوب من أرمينية الداخلة أكثر الإجاص إطلاقا للطبيعة لأنه أشد جلاء وأقل قبضا . وأما أنا ، فإني شاهدت بمصر إجاص يجلب من فارس صغير الحب مدور ، حسن السواد ، حلو الطعم ، إذا أكله الانسان أحدره ، لكل حبة مجلس . ولجالينوس في الأشجار قول قال فيه : وفى الجملة ، إن كل الأشجار والأصول التي يوجد القبض في قضبانها وورقها ظاهرا بينا ، فإنها إذا طبخت وتغرغر بمائها ، كانت نافعة من ورم اللهاة واللوزتين والنغانغ [2] قاطعة لسيلان المواد المتحلبة إليها . ولذلك صار ورق الإجاص وبخاصة الدمشقي منه إذا طبخ بشراب وتغرغر بمائه ، نفع من سيلان المواد إلى اللهاة واللوزتين واللثة . * * *
[1] في الأصل : يتناولون . [2] النغنغ : لحمة تكون في الحلق عند اللهاة .