responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 145


والثانية : أنه لما فيه من الحدة والحرافة المكتسبة من الإنفحة ، صار سريع الاستحالة إلى الاحتراق . ولذلك صار يشيط فضول البدن ويزيدها فسادا ، ويمنع فعل الأشياء الملطفة فيها .
وأما الجبن اليابس الحديث المتوسط بين الجبن الرطب والعتيق ، فيغذو غذاء كثيرا قويا . أما كثرته ، فلان أغلظ ما في البدن يصير جبنا . وأما قوته ، فمن قبل أن الحرارة تصلبه بسرعة . وكلما ازداد فعل الحرارة فيه تأثيرا ، ازداد هو صلابة وشدة . إلا أن غذاءه قد يختلف في جودته وزكاته على حسب اعتداله وتوسطه بين الجبن الرطب والعتيق ، وانحرافه إلى إحدى الحاشيتين أكثر من الأخرى . فإن كان بعده من التوسط إلى الجبن العتيق أكثر ، كان غلظه أزيد وحسبه للطبيعة أقوى واستحالته إلى الدخانية أسرع ، متى كان مزاج المستعمل له حارا ، أو إلى الحموضة متى كان مزاج المستعمل له باردا . فإن كان بعده عن التوسط والاعتدال إلى الجبن الرطب أكثر ، كان غذاؤه أزيد وانحداره أسرع وبعده عن الفساد أكثر .
وللفاضل أبقراط في هذا فصل قال فيه : إن الجبن يختلف في صلابته وليانته على ثلاثة ضروب : لان منه الصلب المتين المعلك . ومنه ما قد بلغ من جفافه ما عدم اتصال أجزائه وصار سريع التفتت . ومنه ما هو بعد مجتمع الاجزاء ، إلا أنه قد صار فيه من الجفاف ما صيره قحلا متخلخلا اسفنجيا . وأردأ أنواع الجبن وأذمها ، ما عدم اتصال أجزائه إلى أن صار سريع التفتت ، لان ذلك دليل على فناء دسمه ورطوبته الجوهرية . ودونه في الرداءة ما كان صلبا علكا منتنا ، لأنه دليل على كره لزوجته وغزارته وبعد انهضامه . وأحمد الأجبان وأفضلها ما كانت أجزاؤه مجتمعة ، إلا أنها متخلخلة رفخة أسفنجية ، وبخاصة إذا كان حديثا ، لان ذلك دليل على لطافة أجزائه وقلة لزوجته وعلوكته وسرعة انهضامه .
ولديسقريدس في مثل ذلك قول قال فيه : إن الجبن الحديث يلين البطن ، والعتيق حابس للبطن ولا سيما إذا سلق سلقة وعصر ماؤه وشوي بعد ذلك . وقول جالينوس فيه : إن ما لان من الجبن ورق ، كان أفضل وأسرع انهضاما . وما صلب منه وثخن [1] ، كان أذم وأبعد انهضاما . وأقوى ما يستدل به على سرعة انهضام الجبن وإبطائه ، وأوضحه دلالة على ذلك الجشاء ، لان ما كان من الجبن ينقص طعمه من الجشاء رويدا رويدا ويزول بسرعة ، كان أحمد ، لأنه دليل على سرعة انهضامه وانحداره عن المعدة . وما كان منه عسير التحلل من الجشاء بعيد الزوال منه ، كان أردأ وأذم ، لأنه دليل على غلظه وبعد انهضامه وعسر انحداره عن المعدة . ولذلك صار الجبن العتيق منيع الانحلال من الحشا لغلظه وبعد انحداره .



[1] أي غلظ وصلب .

اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 145
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست