اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 94
عرفنا أن القرآن هو الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم وبه علمنا صحة مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وبه علمنا عدد ركوع كل صلاة وعدد الصلوات ، وأشياء كثيرة من أحكام الزكاة وغير ذلك مما لم يبين في القرآن تفسيره ، وقد تكلمنا في كتاب الفصل على ذلك وبينا أن البرهان قائم على صحته ، وبينا كيفيته وأن الضرورة والطبيعة توجبان قبوله ، وأن به عرفنا ما لم نشاهد من البلاد ، ومن كان قبلنا من الأنبياء والعلماء والفلاسفة والملوك والوقائع والتوالف . ومن أنكر ذلك كان بمنزلة من أنكر ما يدرك بالحواس الأول ولا فرق . ولزمه أن يصدق بأنه كان قبله زمان ولا أن أباه وأمه كانا قبله ، ولا أنه مولود من امرأة . قال علي : وقد اختلف الناس في مقدار عدد النقلة للخبر الذي ذكرنا ، فطائفة قالت : لا يقبل الخبر إلا من جميع أهل المشرق والمغرب ، وقالت طائفة : لا يقبل إلا من عدد لا نحصيه نحن . وقالت طائفة : لا يقبل أقل من ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، عدد أهل بدر ، وقالت طائفة لا يقبل إلا من سبعين . وقالت طائفة : لا يقبل إلا من خمسين ، عدد القسامة ، وقالت طائفة لا يقبل إلا من أربعين لأنه العدد الذي لما بلغه المسلمون أظهروا الدين ، وقالت طائفة : لا يقبل إلا من عشرين ، وقالت طائفة : لا يقبل إلا من اثني عشر ، وقالت طائفة : لا يقبل إلا من خمسة ، وقالت طائفة : لا يقبل إلا من أربعة وقالت طائفة : لا يقبل إلا من ثلاثة ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه إنه قد نزل به جائحة ، وقالت طائفة : لا يقبل إلا من اثنين . قال علي : وهذه كلها أقوال بلا برهان ، وما كان هكذا فقد سقط . ويكفي في إبطال ذلك أن ننبه كل من يقول بشئ من هذه الحدود على أن يقيس كل ما يعتقد صحته من أخبار دينه ودنياه ، فإنه لا سبيل له البتة إلى أن يكون شئ منها صح عنده بالعدد الذي شرط كل واحد من ذلك العدد عن مثل ذلك العدد كله . وهكذا متزايدا حتى يبلغ إلى تحقيق ذلك الخبر من دينه أو دنياه ، فحصل من كل قول منها بطلان كل خبر جملة ، ولا نحاشي شيئا لأنه وإن سمع هو بعض الاخبار من العدد الذي شرط ، فلا بد أن يبطل تلك المرتبة فيما فوق ذلك . وكل قول أدى
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم الجزء : 1 صفحة : 94