responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 68


الخبر لم يأت قط مسندا من طريق يصح ، فنقطع حينئذ على أنه باطل عند الله تعالى على ما نبين بعد هذا في باب الكلام في الاخبار إن شاء الله تعالى . فإن لم يحتج في ذلك بشئ من نص ، لكن بتقليد أو قياس ، فنحن قاطعون بأنه مخطئ عند الله تعالى ، وأننا محقون عنده تعالى ، ولكل استدلال ما عدا ما ذكرناه من تقليد صاحب فمن دونه ، أو قياس أو استحسان ، فهو باطل بيقين عند الله عز وجل وبالله تعالى التوفيق .
فصل : في هل على النافي دليل أو لا ؟ قال علي بن أحمد : اختلف الناس في هذا على قسمين ، فطائفة قالت : الدليل على من أوجب شيئا ، أو ثبت حكما أو قضية . وليس على النافي دليل . وقالت طائفة : الدليل يلزم إقامته النافي والموجب معا .
قال علي : والصحيح من ذلك أنا وجدنا الله تعالى أنكر على من حقق شيئا بغير علم وأنكر على من كذب بغير علم ، فقال تعالى : * ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) * فقد حرم الله تعالى بنص هذه الآية أن يقول أحد على الله عز وجل شيئا لا يعلم صحته ، وعلم صحة كل شئ مما دون أوائل العقل وبداءة الحس لا يعلم إلا بدليل . فلزم بهذه الآية من ادعى إثبات شئ أن يأتي عليه بدليل وإلا فقد أتى محرما عليه . وقال تعالى : * ( بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله ) * فأنكر تعالى تكذيب المرء ما لا يعلم أنه كذب ، وقال تعالى : * ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) * فأوجب تعالى على كل مدع المصدق أن يأتي ببرهان ، وإلا فقوله ساقط ، ووجدنا كل ناف مدعيا للصدق في نفيه ما نفى ، ووجدنا كل مثبت مدعيا للصدق في إثباته ما أثبت ، فلزم كلتا الطائفتين أن تأتي بالبرهان على دعواها إن كانت صادقة .
قال علي : وأما من احتج من أصحابنا في إسقاط الدليل عن النافي بإيجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين على من أنكر ، فإنما في الاحكام فإنه لا خلاف بين أهل الملة في أنه لا يمين على من أنكر شيئا في المناظرة في غير الاحكام .
قال علي : فإذا اختلف المختلفان ، فأثبت أحدهما شيئا ونفاه الآخر ، فعلى كل واحد منهما أن يأتي بالدليل على صحة دعواه كما بيناه آنفا بحكم كلام الله عز وجل ، فأيهما أقام البرهان صح قوله ، ولا يجوز أن يقيماه معا لان الحق لا يكون في ضدين ، ومن الممتنع أن يكون الشئ باطلا صحيحا في حال واحدة من وجه واحد ، فإن عجز كلاهما عن إقامة الدليل ، وهذا ممكن ، فحكم ذلك الشئ أن يتوقف فيه فلا يوجب ولا ينفي ، لكن يترك

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 68
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست