responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 6


في أخراه وهلاكه في معاده .
ومنها فهم يليح لها الحق من قريب ، وينير لها في ظلمات المشكلات فترى به الصواب ظاهرا جليا . ومنها جهل يطمس عليها الطرق ، ويساوي عندها بين السبل ، فتبقى النفس في حيرة تتردد ، وفي ريب تتلدد ، ويهجم بها على أحد الطرق المجانبة للحق المنكبة عن الصواب تهورا وإقداما أو جبنا أو إحجاما ، أو إلفا وسوء اختيار ، قال تعالى : * ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) * وقال تعالى :
* ( انما يخشى الله من عباده العلماء ) * .
ومنها قوة التمييز التي سماها الأوائل المنطق ، فجعل لها خالقها بهذه القوة سبيلا إلى فهم خطابه عز وجل ، وإلى معرفة الأشياء ما هي عليه ، وإلى إمكان التفهم الذي به ترتقي درجة الفهم ويتخلص من ظلمة الجهل ، فيها تكون معرفة الحق من الباطل . قال تعالى : ( فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ) .
ومنها قوة العقل التي تعين النفس المميزة على نصر العدل ، وعلى إيثار ما دلت عليه صحة الفهم ، وعلى اعتقاد ذلك علما ، وعلى إظهار باللسان وحركات الجسم فعلا ، وبهذه القوة التي هي العقل تتأيد النفس الموفقة لطاعته على كراهية الحود عن الحق ، وعلى رفض ما قاد إليه الجهل والشهوة ، والغضب المولد للعصبية ، وحمية الجاهلية ، فمن اتبع ما أناره له العقل الصحيح نجا وفاز ، ومن عاج عنه هلك وربما أهلك قال تعالى : * ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) * . قال أبو محمد علي : أراد بذلك العقل ، وأما المضغة المسماة قلبا فهي لكل أحد متذكر ، وغير متذكر ، ولكن لما لم ينتفع غير العاقل بقلبه صار كمن لا قلب له ، قال تعالى ، شاهدا لما قلنا : * ( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها ) وقال بعض السلف الصالح : ترى الرجل لبيبا داهيا فطنا ولا عقل له فالعاقل من أطاع الله عز وجل .
قال أبو محمد علي : هذه كلمة جامعة كافية ، لان طاعة الله عز وجل ، هي جماع

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 6
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست