responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 58


قال علي : ولو كانوا مأمورين باستقبال الكعبة حين نزول الامر من قبل أن يبلغهم لكان من أقدم منهم فصلى إلى الكعبة عامدا قبل أن يبلغهم الامر جائز الصلاة ، وهذا باطل ، وأما لو أن إنسانا اليوم خفيت عليه دلائل القبلة ، فاستدل فأداه استدلاله إلى جهة ما ، وقطع بذلك ثم تعمد الصلاة إلى خلاف تلك الجهة ، فلما سلم إذا به إلى القبلة فإن صلاته باطلة ، وهو بذلك فاسق ، لأنه تعمد العمل في صلاته بما ليس عالما أنه أمر به فيها ، فقصد العمل بما يرى أنه ليس من صلاته ، فقد قصد إفساد صلاته فبطلت بذلك .
قال أبو محمد : وأما من كان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبلغه الناسخ ولا الخالص ، فإنه أيضا مأمور بما يعتقد من المنسوخ ومن عموم المخصوص ، لان الله تعالى لم يكلفه قط خلاف ذلك ، بل افترض عليه خلافا لذلك طاعة أمره تعالى جملة ، والمنسوخ من أمره فلا شك ، فهو لازم لكل من بلغه بعموم الامر المذكور حتى يبلغه نسخه وبالله تعالى التوفيق .
ومن المحال الممتنع أن يكون الله تعالى يورد على عبده أمرا يأمره به ثم ينهاه عنه ولا يعلمه بنهيه عنه ، وهو تعالى قد تكفل لنا بالبيان ، قال عز وجل قد تبين الرشد من الغى ) فلو ورد أمر الله تعالى ثم نهاه عنه ولم يبلغه نهيه لكان ذلك إضلالا والتباسا ، ولكان الرشد غير مبين من الغى : وحاشا لله من هذا يقينا .
وأما من بلغه الناسخ والخاص ثم نسيهما أو تأول فيهما بمبلغ طاقته فهو مأمور بما بلغه من ذلك ، لأنه مذ بلغه منهى عما هو عليه ، لأنه قد بلغه النهى إلا أنه معذور مأجور مرة ، مأجور بقصده الخير ، ومعذور ونسيانه ، فهذا حكم هذا الباب البرهان الصحيح ، وبالله تعالى التوفيق .
فإن احتج بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ فرضت الصلاة ليلة الاسراء :
وفيه قول موسى عليه السلام : كم فرض الله على أمتك ؟ قال خمسين صلاة أو نحوه فأخبر النبيان عليهما السلام أن الله تعالى فرض علينا قبل أن يبلغنا خمسين صلاة ، قلنا : إنما معنى هذا أنه متى بلغنا الامر لزمنا ، وبرهان ذلك : أن ذلك لا يلزم من لم يخلق حتى يخلق ، ولا من لم يبلغ حتى يبلغ ، ولا من لم يأت عليه وقت الصلاة

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 58
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست