responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 49


ويقال لمن قال بإباحتها واحتج بأن في مدخل الطعام ومخرجه عبرة ودليلا على قدرة الله عز وجل ، اطرد علتك وقل : وفي فسقك بالذكور وبالنساء عبرة ودليل على قدرة الله عز وجل في مداخلة الأعضاء بعضها في بعض ، وفي تخلق الولد وولادته أعظم عبرة ، وأدل دليلا على قدرة الله عز وجل ، وكذلك في قتل النفس وسيلان الدم بعد منع الجلد له من السيلان ، وفي خروج النفس وانقطاع الحركة والحس أعظم عبرة وأدل دليلا على القدرة ، فأبح قتل النفس على هذا وقل : إنه حسن في العقول بل واجب ، ومن قرأ كتب التشريح للأطباء علم أن في ذلك أعظم عبرة ، فليقل إن قتل الأنفس مباح في العقل .
واحتج المبيحون أيضا بأن قالوا : لابد من فعل ، أو ترك ، أو حركة أو سكون فإن منعتموه الكل أوجبتم المحال والممتنع .
قال أبو محمد : وهذا إنما يخاطب به من قال بالحظر ، وأما نحن فلسنا نقول :
إن في العقل إباحة شئ ولا حظره ، وإنما فيه تمييز الموجودات على ما هي عليه وفهم الخطاب فقط .
وبالجملة فكل شئ يعارض به القائلون بالإباحة أو الحظر فهي دعاوى مجردة ، واحتج بعض القائلين بالإباحة بقوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) قال أبو محمد : ولا حجة لهم في هذا ، لأننا لم نقل إنه تعالى يعذب من لم يبعث إليه رسولا فيعارضون بهذا ، وليست هذه الآية من مسألتنا في الإباحة والحظر في ورد ولا صدر ، لان الأشياء لو ورد الحظر فيها بنص جلي إلا أنه لم يأت وعيد على مرتكبها لم يجز لاحد أن يقول : إن الله تعالى يعذب من خالف أمره ، وليس في كون المرء عاصيا أو كافرا ما يوجب أنه يعذب ولا بد ، وإنما علمنا وجوب العذاب من طريق القرآن والخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم فقط ، ولولا ذلك ما علمناه .
برهان ذلك ، أن الكفار الطغاة قد وجدناهم في هذا العالم يعمرون مدة أعمارهم غير معذبين ، لا بل في نعمة وملك وغلبة وكرامة ، ولا فرق بين جواز ذلك خمسين عاما وستين وسبعين وثمانين ، وبين تماديه هكذا أبدا وقتا بعد وقت ، ولا فرق بين جواز ذلك في الوقت الأول ، وبين جوازه في الوقت الثاني ، وليست

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 49
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست