responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 35


قرب وإما من بعد ، وإما عن اتباع لمن أمر الله تعالى باتباعه ، فوافق فيه الحق ، وإن لم يكن عن ضرورة ولا عن استدلال ، برهان ذلك أن جميع الناس مأمورون بقول الحق واعتقاده ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الناس كلهم إلى الايمان بالله تعالى ، وبما جاء به والنطق بذلك ، ولم يشترط عليه السلام عليهم ان ألا يكون ذلك منهم إلا عن استدلال ، بل قنع بهذا من العالم والجاهل ، والحر والعبد ، والمسبي والمستعرب ، واجتمعت الأمة على ذلك بعده عليه إلى اليوم .
وقنعوا بذلك ممن أجابهم إليه ، ولم يشترط عليهم استدلالا في ذلك ، فإذا ذاك كذلك فقد صح أن من اعتقد ما ذكرنا وقال به فهو عالم بذلك بيقين عارف به ، إذ لو كان غير عالم بذلك لحرم القول عليه بذلك ، ولحرم عليه اعتقاده لان الله تعالى يقول :
* ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) * وقال تعالى : * ( وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) * فصح إذ هو مأمور باعتقاده الحق والقول به ، ومنهي عن القول بما لا يعلم ، وعن أن يقفوا ما لا يعلم أن عقده في الحق وقوله به علم صحيح ومعرفة حقيقية وإن لم يكن ذلك عن استدلال ، ومن ادعى تخصيص نهي الله تعالى عن القول بما لا علم لنا به ، وعن قفو ما لا نعلم ، كان مدعيا بلا دليل ، ومبطلا في قوله لأنه يقول :
* ( لا تقف ما ليس لك به علم ) * إلا في الايمان ، فاقف فيه ما لا علم لك به ، وهذا كذب على الله تعالى مجرد .
فإن قال قائل : فإن الله يقول : * ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) * قلنا : نعم إنما خاطب الله بهذا من قال بالباطل ، ولا برهان لصاحب الباطل ، وأما المعتقد للحق فبرهان الحق قائم ، سواء علمه المعتقد له أو جهله ، وإنما يكف البرهان أهل الباطل لادحاض باطلهم ، ولا يجوز أن يكلف المحق برهانا ، لأنه لا يخلو مكلفه البرهان من أن يكون محقا مثله أو مبطلا ، فإن كان محقا مثله فهو معنت له ، والتعنيت لا يجوز وإن كان مبطلا فحرام عليه الجدال في الحق ، قال تعالى : * ( يجادلونك في الحق بعد ما تبين ) * وقال تعالى : * ( وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق ) * فلا يجوز تكليف المحق برهانا إلا على أن يعلمه فقط لا على سبيل معارضة ، لان من فعل ذلك يكون معارضا للحق ، ومعارضته الحق بالباطل لا تجوز ، قال تعالى ذاما لقوم : * ( وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق ) *

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست