responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كتاب السياسة المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 3

من اجله عجزهم. ثم خصّ بني آدم بخصائص من نعمه فضّلهم بها على كثير من خلقه فجعلهم احسن الخلق و طبائعهم اكمل الطبائع و تركيبهم اعدل التركيب و معيشتهم انعم المعاش و سعيهم في منقلبهم اردّ السعي الى العقول الرضيّة التي امدّهم بها و الاحلام الراجحة التي أيّدهم بفضلها و الآداب الحسنة التي البسهم جمالها و الاخلاق الكريمة التي زيّنهم بشرفها مع التمييز الذي اراهم به فرق ما بين الخير و الشر و خلاف ما بين الغيّ و الرشد و فضّل ما بين الصانع و المصنوع و المالك و المملوك و السانس و المسوس حتى صار ذلك طريقا لهم الى معرفة [1] ما بين الخالق و المخلوق و سبيلا واضحا الى تثبيت الصانع القديم إلّا جحود عناد او مكابرة عيان‌

(التفاوت بين الناس في الصفات و الرتب)

ثم منّ عليهم بفضل رأفته منّا مستأنفا بان جعلهم في عقولهم و آرائهم متفاضلين كما جعلهم في املاكهم و منازلهم و رتبهم متفاوتين لما في استواء احوالهم و تقارب اقدارهم من الفساد الداعي الى فنائهم لما يلقي بينهم من التنافس و التحاسد و يثير من التباغي و التظالم. فقد علم ذوو العقول ان الناس لو كانوا جميعا ملوكا لتفانوا عن آخرهم و لو كانوا كلهم سوقة لهلكوا عيانا باسرهم كما انهم لو استووا في الغنى لما مهن احد لاحد و لا رفد حميم حميما و لو استووا في الفقر لماتوا ضرّا و هلكوا بؤسا. فلمّا كان التحاسد من اطباعهم و التباهي من سوسهم و في اصل جوهرهم كان اختلاف اقدارهم و تفاوت احوالهم سبب بقائهم و علّة لقناعتهم. فذو المال الغفل من العقل العطل من الادب المدرك حظه من الدنيا بأهون سعي اذا تأمل حال العاقل المحروم و اكدار الحوّل‌ [2] القلب‌ [3] ظنّ بل ايقن ان المال الذي وجده مغير من العقل الذي عدمه. و ذو الادب المعدم اذا تفقّد حال المثري الجاهل لم يشك في انه فضّل عليه و قدّم دونه و ذو الصناعة التي تعود عليه بما (r 49( يمسك رمقه لا يغبط ذا السلطان العريض و لا ذا الملك المديد و كل ذلك من دلائل الحكمة و شواهد لطف التدبير و امارات الرجمة و الرأفة


[1] و في الاصل: المعرفة

[2] الشديد الاحتيال‌

[3] البصير بتقليب الامور

اسم الکتاب : كتاب السياسة المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 3
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست