التَّعْلِيمُ الرَّابِعُ فِى الأَخْلاطِ وَ هُوَ فَصْلانِ
الْفَصْلُ الأَوَّلُ فِى مَاهِيَّةِ الْخِلْطِ وَ أَقْسَامِهِ
الْخِلْطُ: جِسْمٌ رَطْبٌ سَيّالٌ يَسْتَحِيلُ إلَيْهِ الْغِذَاءُ أَوَّلًا، فَمِنْهُ خِلْطٌ مَحْمُودٌ وَ هُوَ الَّذِى مِنْ شَأْنِهِ أنْ يَصِيرَ جُزْءا مِنْ جَوْهَرِ الْمُغْتَذِى وَحْدَهُ أوْ مَعَ غَيْرِهِ، وَ مُتَشَبِّهاً بِهِ وَحْدَهُ أوْ مَعَ غَيْرِهِ. وَبِالْجُمْلَةِ سادّاً بَدَلَ شَىْءٍ مِمَّا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ، وَ مِنْهُ فَضْلٌ وَ خِلْطٌ رَدِىءٌ وَ هُوَ الَّذِى لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ أَوْ يَسْتَحِيلَ فِى النَّادِرِ إلَى الْخِلْطِ الْمَحْمُودِ، وَ يَكُونُ حَقُّهُ قَبْلَ ذَلِكَ أنْ يُدْفَعَ عَنِ الْبَدَنِ وَ يُنْفَضَ.
وَ نَقُولُ: إنَّ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ مِنْهَا أَوَّلِىٌّ وَ مِنْهَا ثَانِيَةٌ. فَالأَوَّلِىُّ: هِىَ الأَخْلاطُ الأَرْبَعَةُ الَّتِى نَذْكُرُهَا. وَ الثَّانِيَةُ: قِسْمَانِ: إمَّا فُضُولٌ وَ إمَّا غَيْرُ فُضُولٍ. وَ الْفُضُولُ سَنَذْكُرُهَا. وَ الَّتِى لَيْسَتْ بِفُضُولٍ هِىَ الَّتِى اسْتَحَالَتْ عَنْ حَالَةِ الابْتِدَاءِ وَ نَفَذَتْ فِى الأعْضَاءِ، إلّا أَنَّهَا لَمْ تَصِرْ جزْءَ عُضْوٍ مِنَ الأعْضَاءِ الْمُفْرَدَةِ بِالْفِعْلِ التَّامِّ وَ هِىَ أَصْنَافٌ أَرْبَعَةٌ:
أَحَدُهَا الرُّطُوبَةُ الْمَحْصُورَةُ فِى تَجَاوِيفِ أَطْرَافِ الْعُرُوقِ الصِّغَارِ الْمُجَاوِرَةِ لِلأَعْضَاءِ الأَصْلِيَّةِ السَّاقِيَةِ لَهَا.
وَ الثَّانِيَةُ: الرُّطُوبَةُ الَّتِى هِىَ مُنْبَثَّةٌ فِى الأَعْضَاءِ الأَصْلِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الطَّلِّ، وَ هِىَ مُسْتَعِدَّةٌ لأَنْ تَسْتَحِيلَ غِذَاءً إذَا فَقَدَ الْبَدَنُ الْغِذَاءَ وَلأَنْ تَبُلَ [1] الأعْضَاءَ إذَا جَفَّفَهَا سَبَبٌ مِنْ حَرَكَةٍ عَنِيفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.
[1] ب، ج: تبلّ. ط: تبتلّ.