وَالثَّانِيَةُ أنَّ الصُّلْبَ وِقَايَةٌ وَ جُنَّةٌ لِلأَعْضَاءِ الشَّرِيفَةِ الْمَوْضُوعَةِ قُدَّامَهُ، وَلِذَلِكَ خُلِقَ لَهُ شَوْكٌ وَسَنَاسِنُ. وَ الثَّالِثَةُ أنَّ الصُّلْبَ خُلِقَ لِيَكُونَ مَبْنًى لِجُمْلَةِ عِظَامِ الْبَدَنِ مِثْلُ الْخَشَبَةِ الَّتِى تَهَيَّأَ فِى نَجْرِ السَّفِينَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ يُرْكَزُ فِيهَا وَ يُرْبَطُ بِهَا سَائِرُ الْخَشَبِ ثَانِياً، وَ لِذَلِكَ خُلِقَ الصُّلْبُ صُلْباً.
وَ الرَّابِعَةُ لِيَكُونَ لِقِوَامِ الإنْسَانِ اسْتِقْلالٌ وَ قِوَامٌ وَ تَمَكُّنٌ مِنَ الْحَرَكَاتِ إلَى الْجِهَاتِ، وَلِذَلِكَ خُلِقَ الصُّلْبُ [1] فِقْرَاتٍ مُنْتَظِمَةً لَا عَظْماً وَاحِداً، وَ لَا عِظَاماً
كَثِيرَةَ الْمِقْدَارِ، وَجُعِلَتِ الْمَفَاصِلُ بَيْنَ الفِقْرَاتِ لا سَلِسَةً فَتُوهِنَ الْقِوَامَ وَ لا مُوَثَّقَةً فَتَمْنَعَ الانْعِطَافَ.
الْفَصْلُ السَّابِعُ فِى تَشْرِيحِ الفِقْرَاتِ
فَنَقُولُ: الْفِقْرَةُ عَظْمٌ فِى وَسَطِهِ ثَقْبٌ يَنْفُذُ فِيهِ النُّخَاعُ، وَ الْفِقْرَةُ قَدْ يَكُونُ لَهَا أَرْبَعُ زَوَائِدَ يُمْنَةً وَ يُسْرَةً [2] مِنْ جَانِبَىِ الثَّقْبِ [3]، وَيُسَمَّى مَا كَانَ مِنْهَا إلَى فَوْقُ شَاخِصَةً إلَى فَوْقُ وَ مَا كَانَ مِنْهَا إلَى أَسْفَلُ شَاخِصَةً إلَى أَسْفَلُ وَ مُنْتَكِسَةً [4]، وَ رُبَمَا كَانَتِ الزَّوَائِدُ سِتّاً، أَرْبَعَةٌ مِنْ جَانِبٍ وَاثْنَانِ مِنْ جَانِبٍ. وَ رُبَمَا كَانَتْ ثَمَانِيَةً وَ الْمَنْفَعَةُ فِى هَذِهِ الزَّوَائِدِ، هِىَ أنْ يَنْتَظِمَ مِنْهَا الاتِّصَالُ بَيْنَهَا اتِّصَالًا مَفْصِلِيّاً بِنُقَرٍ فِى بَعْضِهَا وَ رُؤُوسٍ لُقْمِيَّةٍ فِى بَعْضٍ وَ لِلْفِقْرَاتِ زَوَائِدُ لَا لأَجْلِ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ، وَلَكِنْ لِلْوِقَايَةِ وَ الْجُنَّةِ وَ الْمُقَاوَمَةِ لِمَا يُصَاكُّ، وَلأنْ يَنْتَسِجَ عَلَيْهَا رِبَاطَاتٌ، وَهِىَ
[1] آ، ج:+ مِنْ.
[2] ب:+ و.
[3] ج:+ من فوق و من أسفل. ط:+ فوق و أسفل.
[4] آ: منكّسة. ب، ط، ج: منتكسة.