الْحَرَكَاتِ الْعَنِيفَةِ، وَفَائِدَةُ الْمُخِّ فِيهِ لِيَغْذُوَهُ عَلَى مَا شَرَحْنَاهُ قَبْلُ وَلِيُرَطِّبَهُ دَائِماً فَلا يَتَفَتَّتُ بِتَجْفِيفِ الْحَرَكَةِ، وَلِيَكُونَ وَهُوَ مُجَوَّفٌ كَالْمُصْمَتِ. وَالتَّجْوِيفُ يَقِلُّ إذَا كَانَتِ الْحَاجَةُ إلَى الْوَثَاقَةِ أَكْثَرَ وَيَكْثُرُ إذا كَانَتِ الْحَاجَةُ إلَى الْخِفَّةِ أَكْثَرَ. وَالْعِظَامُ الْمُشَاشِيَّةُ خُلِقَتْ كَذَلِكَ لأَمْرِ الْغِذَاءِ الْمَذْكُورِ مَعَ زِيَادَةِ حَاجَةٍ بِسَبَبِ شَىْءٍ يَجِبُ أنْ يَنْفُذَ فِيهَا كَالرَّائِحَةِ الْمُسْتَنْشَقَةِ مَعَ الْهَوَاءِ فِى عَظْمِ الْمِصْفَاةِ وَ لِفُضُولِ [1] الدِّمَاغِ الْمَدْفَوعَةِ فِيهَا، وَ الْعِظَامُ كُلُّهَا مُتَجَاوِرَةٌ مُتَلاقِيَةٌ، وَ لَيْسَ بَيْنَ شَىْءٍ مِنَ الْعِظَامِ وَ بَيْنَ الْعَظْمِ الَّذِى يَلِيهِ مَسَافَةٌ كَثِيرَةٌ بَلْ فِى بَعْضِهَا مَسَافَةٌ يَسِيرَةٌ تَمْلَؤُهَا [2] لَوَاحِقُ غُضْرُوفِيَّةٌ أَوْ شَبِيهَةٌ بِالْغُضْرُوفِيَّةِ خُلِقَتْ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِى لِلْغَضَارِيفِ، وَ مَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ مُرَاعَاةُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ خُلِقَ الْمَفْصِلُ بَيْنَهَا بِلا لَاحِقَةٍ كَالْفَكِّ الأَسْفَلِ.
وَ الْمُجَاوِرَاتُ الَّتِى بَيْنَ الْعِظَامِ عَلَى أَصْنَافٍ: فَمِنْهَا مَا يَتَجَاوَرُ تَجَاوُرَ مَفْصِلٍ سَلِسٍ، وَمِنْهَا مَا يَتَجَاوَرُ تَجَاوُرَ مَفْصِلٍ عَسِرٍ غَيْرِ مُوَثَّقٍ، وَ مِنْهَا مَا يَتَجَاوَرُ تَجَاوُرَ مَفْصِلٍ مُوَثَّقٍ مَرْكُوزٍ أوْ مَدْرُوزٍ أوْ مُلْزَقٍ.
وَ الْمَفْصِلُ السَّلِسُ هُوَ الَّذِى لأَحَدِ عَظْمَيْهِ أنْ يَتَحَرَّكَ حَرَكَاتِهِ سَهْلًا مِنْ غَيْرِ أنْ يَتَحَرَّكَ مَعَهُ الْعَظْمُ الآخَرُ كَمَفْصِلِ الرُّسْغِ مَعَ السَّاعِدِ.
وَالْمَفْصِلُ الْعَسِرُ الْغَيْرُ الْمُوَثَّقِ هُوَ أنْ تَكُونَ حَرَكَةُ أَحَدِ الْعَظْمَيْنِ وَحْدَهُ صَعْبَةً وَ قَلِيلَةَ الْمِقْدَارِ مِثْلُ الْمَفْصِلِ الَّذِى بَيْنَ الرُّسْغِ وَ الْمُشْطِ أوْ مَفْصِلِ مَا بَيْنَ عَظْمَيْنِ مِنْ عِظَامِ الْمُشْطِ.
وَ أمَّا الْمَفْصِلُ الْمُوَثَّقُ فَهُوَ الَّذِى لَيْسَ لأَحَدِ عَظْمَيْهِ أنْ يَتَحَرَّكَ وَحْدَهُ الْبَتَّةَ مِثْلُ مَفْصِلِ عِظَامِ الْقَصِّ.
[1] ب: لفضول. ط: كفضول.
[2] ب: تملؤها. ط، آ: يملأها. ج: يملأ بلواحق.