responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 252

واعلم أن الحاجة إلى القي‌ء والإسهال ونحوهما غير موافقة لمن كان حسن التدبير، فإن حسن التدبير يحتاج إلى ما هو أخص منهما، وربما كفاه المهم فيه الرياضة والدلك والحمام، ثم إن امتلأ بدنه، فأكثر إمتلاء مثله من أجود الأخلاط، أعني من الدم، فالفصد هو المحتاج إليه في تنقيته دون الإسهال، فإذا أوجبت الضرورة فصداً أو استفراغاً بمثل الخربق والأدوية القوية، فيجب أن يبدأ بالفصد هذا من وصايا أبقراط في كتاب أيديميا وهو الحق، وكذلك إذا كانت الأخلاط البلغمية مختلطة بالدم. ولكن اذا كانت الأخلاط لزجة باردة، فربما زادها الفصد غلظاً ولزوجة، فالواجب أن يبدأ بالإسهال. وبالجملة إن كانت الأخلاط متساوية، قدم الفصد، فإن غلب خلط بعد ذلك استفرغ، وإن كانت غير متساوية استفرغ أولًا الفضل حتى يتساوى، ثم يفصد. ومن قدم الدواء على الفصد، وكان ينبغي الفصد، فليؤخر الفصد أياماً قلائل.

ومن كان قريب العهد بالفصد واحتاج إلى استفراغ، فشرب الدواء أوفق له. وكثيراً ما أوقع شرب الدواء الواجب كان فيه الفصد في حمى واضطراب، فإن لم يسكن بالمسكّنات، فليعلم أنه كان يجب أن يقدم عليه الفصد.

وليس كل استفراغ يحتاج إليه لفرط الامتلاء، بل قد يدعو إليه عظم العلة والامتلاء بحسب الكَيفية والكمية، وكثيراً ما يغني تحسين التدبير عن الفصد الواجب في الوقت، و كثيراً ما يدعو الداعي إلى الاستفراغ فيعارضه عائق، فلا تكون الحيلة فيه إلا الصوم والنوم و تدارك سوء مزاج يوجبه الامتلاء.

ومن الاستفراغ ما هو على سبيل الاستظهار مثل ما يحتاج إليه من يعتاده النقرس، أو الصرع، أو غير ذلك في وقت معلوم، وخصوصاً في الربيع، فيحتاج أن يستظهر قبل وقته يستفرغ الاستفراغ الذي يخص مرضه، كان فصداً أو إسهالًا، وربما كان استعمال المجففات من خارج والأدوية الناشفة استفراغاً مثل ما يفعل بأصحاب الاستسقاء، وقد يحوجك الأمر إلى استعمال دواء مجانس للخلط المستفرغ في الكمية كالسقمونيا عند حاجتكإلى استفراغ الصفراء فيجب حينئذ أن يخلط به ما يخالفه في الكيفية ويوافقه في الاسهال، أو لا يمنعه عن الاسهال كالهليلج، و يتدارك سوء المزاج إن حدث عنه من بعد. وأصحاب أورام الأحشاء فيضعف إسهالهم وقيأهم، فإن اضطررت إلى ذلك فاستعمل لهم مثل اللبلاب والبسفايج والخيار شنبر ونحو ذلك، فإن أبقراط يقول: من كان قضيفاً سهل إجابة الطيعة إلى القي‌ء، فالاولى في تنقيته أن يستعمل القي‌ء في صيف أو ربيع أو خريف دون شتاء.

ومن كان معتدل السحنة فالاسهال أولى به، فإن دعا إلى استفراغه بالقي‌ء داع فلينتظر به الصيف ويتوقاه في غو موضع الحاجة.

ويجب أن يتقدم قبل الاسهال والقي‌ء بتلطيف الخلط الذي يريد استفراغه وتوسيع المجاري وفتحها، فإن ذلك يريح البدن من التعب. واعلم أن تعويد الطبيعة ليناً وإجابة إلى ما يراد من‌

اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 252
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست