responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 250

يستفرغ منه، لكن به علة أو مرض يخاف عليه من مرور الأخلاط به فيحتاج أن يمال إلى غيره مما هو أصوب، وربما خيف عليه من غلبة الأخلاط مرض مثل ما يندفع من العين إلى الحلق، فربما خيف منه الخناق، فيجب أن يرفق في مثله. والطبيعة قد تفعل مثل هذا فيستفرغ من غير جهة العادة صيانة لذلك العضو عند ضعفه وربما كان ما تستفرغه الطبيعة من الجهة البعيدة المقابلة يبقى معه إسهال مثل ما يندفع من الرأس إلى المقعدة أو إلى الساق والقدم، فإنه لا يعلم بالحقيقة كان من الدماغ كله أو من بطن واحد. والرابع: وقت استفراغه، وجالينوس يجزم القول: بأن الأمراض المزمنة ينتظر فيها النضج لا غير، وقد علمت النضج ما هو. وقيل الاستفراغ وبعد النضج يجب فيها أن يسقى من الملطفات كماء الزوفا والحاشا والبزور.

وأما في الأمراض الحادة، فالأصوب أيضاً انتظار النضج، وخصوصاً إن كانت ساكنة، وأما إن كانت متحركة فالبدار إلى استفراغ المادة أولى، إذ ضرر حركتها أكثر من ضرر استفراغها قبل نضجها، وخصوصاً إذا كانت الأخلاط رقيقة، وخصوصاً إذا كانت في تجاويف العروق غير متداخلة للأعضاء. وأما إذا كان الخلط محصوراً في عضو واحد فلا يحرك البتة حتى ينضج ويحصل له القوام المعتدل على ما علمته في موضعه، وكذلك إن لم يؤمن ثبات القوة إلى وقت النضج استفرغناها بعد احتياط منا في معرفة وقتها وغلظها، فإن كانت ثخينة لحمية غليظة لم يجز لك أن تحركها إلا بعد الترقيق، ويستدل على غلظها من تقدم تخم سالفة، ووجع تحت الشراسيف ممدد أو حدوث أورام في الأحشاء. ومن أوجب ما تراعيه في مثل هذه الحال، حال المنافذ حتى لا تكون منسدة، وبعد هذا كله فلك أن تسهل قبل النضج. واعلم أن استفراغ المادة وقلعها من موضعها يكون على وجهين: أحدهما بالجذب إلى الخلاف البعيد، والآخر بالجذب إلى الخلاف القريب. وأولى أوقاته أن لا يكون في البدن امتلاء، ولا من المواد توجه، ولنفرض رجلًا يسيل من على فمه دم كثير وامرأة مفرطة سيلان بواسيرها، فنحن لا نخلو إما أن نستفرغ بإمالته إلى الخلاف القريب، فيكون الواجب إمالة تلك المادة في الأول إلى الأنف بالترغيف، وفي الثاني إلى الرحم بإحدار الطمث. فإن أردنا أن نجذب إلى الخلاف البعيد، استفرغنا الدم في الأول من العروق والمواضع التي في أسفل البدن، وفي الثاني من العروق والمواضع التي في أعلى البدن. والخلاف البعيد لا يجب أن يباعد في قطرين بل في قطر واحد، وهو القطر الأبعد، فإنه إن كانت المادة في الأعالي من اليمين، فلا يجذبها إلى الأسافل من الشمال، بل إما إلى الأسافل من اليمين نفسه وهو الأوجب، وإما إلى اليسار من العلو إن كان بعيداً عنه بعد المنكب من المنكب، ولم يكن حاله كحال جانبي الرأس، فإنه إذا كانت المادة إلى يمين الرأس أميلت إلى الأسافل لا إلى اليسار، لماذا أردت أن تجذب مادة إلى البعد، فسكن وجع الموضع أولًا لتقل مزاحمته بالجذب، فإن الوجع جذاب وإذا استعصى إلى حيث يجذبه فلا يعنف، فربما حركه التعنيف ورقّقه ولم ينجذب فصار أسرع ميلًا إلى الموضع الموجوع، وربما كفاك أن يجذب، وإن لم يستفرغ، فإن الجذب نفسه يمنع توجهه إلى العضو وإن لم يخرجه، فيكون الجذب نفسه يبلغ الغرض، وإن لم تستفرغ معه بل اقتصرت على ميل الشد على الأعضاء المقابلة أو المحاجم أو الأدوية المحمرة، وبالجملة بما يولد إيلاماً ما. وأسهل المواد استفراغاً ما هو في العروق. وأما في الأعضاء والمفاصل فإنها قد يصعب إخراجها واستفراغها، ولا بد أن يخرج في استفراغها معها غيرها. والمستفرغ يجب أن لا يبادر إلى تناول أغذية كثيرة ونية فتجذبها الطبيعة غير مهضومة، فإن وجب شي‌ء من ذلك فيجب أن يكون قليلًا قليلًا شيئاً بعد شي‌ء حتى يكون بالتدريج، ويكون الداخل في البدن مهضوماً جيداً. والقصد هو الاستفراغ الخاص للأاخلاط الزائدة بالسوية، وأما الاستفراغ الخاص بخلط يكثر وحده في كميته أو يفسد في كيفيته فهو غير القصد وكل استفراغ أفرط، فإنه يحدث حمى في الأكثر، ومن أورثه انقطاع إسهال كان معتادة علة فمعاودة ذلك الاستفراغ، يبرئها في الأكثر مثل من أورثه انقطاع وسخ أذنه أو مخاط أنفه سدداً، فإن عودهما ما يذهب بها. واعلم أن إبقاء بقية من المادة التي يحتاج إلى استفراغها أقل من الاستقصاء في الاستفراغ والبلوغ به إلى أن تخور القوة. وكثيراً ما تحلل الطبيعة تلك البقية، وما دام الخلط المستفرغ من الجنس الذي ينبغي، والمريض يحتمله، فلا تخف من الإفراط. وربما احتجت أن تستفرغ إلى الغشي ومن كانت قوته قوية ومادة أخلاطه الرديئة كثيرة، فاستفرغها قليلًا قليلًا، وكذلك إذا كانت المادة شديدة التلحج، أو شديدة الاختلاط بالدم، ولا يمكن أن تستفرغ دفعة واحدة كما يكون في عرق النساء وفي أوجاع المفاصل المزمنة وفي السرطان والجرب المزمن والدماميل المزمنة اعلم أن الإسهال يجذب من فوق ويقلع من تحت فهو موافق للجذبين المخالف والموافق، وموافق أيضاً بعد استقرار المواد، فإذا كانت المواد من تحت جذبها إلى خلاف، وقلعها أيضاً من حيث هي والقي‌ء يفعل الجذب والقلع بالعكس والفصد يختلف حاله بحسب المواضع التي منها يؤخذ الدم على ما علمت. وأقل الناس حاجة إلى الاستفراغ من كان جيد الغذء جيد الهضم. وأصحاب البلدان الحارة قليلو الحاجة إلى الاستفراغ. إلى حيث يجذبه فلا يعنف، فربما حركه التعنيف ورقّقه ولم ينجذب فصار أسرع ميلًا إلى الموضع الموجوع، وربما كفاك أن يجذب، وإن لم يستفرغ، فإن الجذب نفسه يمنع توجهه إلى العضو

اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 250
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست