responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 200

الفصل الثاثي فى تدبير الإرضاع والنقل‌

أما كيفية إرضاعة وتغذيبته، فيجب أن يرضع ما أمكن بلبن أمه، فإنه أشبه الأغذية بجوهر ما سلف من غذائه، وهو في الرحم أعني طمث أمه، فإنه بعينه هو المستحيل لبناً، وهو أقبل لذلك وآلف له حتى إنه قد صح بالتجربة أن لقامه حلمة أمه عظيم النفع جداً في دفع ما يؤذيه، ويجب أن يُكتفى بإرضاعه في اليوم مرتين أو ثلاثاً، ولا يبدأ في أول الأمر في إرضاعه بإرضاع كثير، على أنه يستحب أن تكون من ترضعه في أول الأمر غير أمه حتى يعتدل مزاج أمه، والأجود أن يلعق عسلًا ثم يرضع. ويجب أن يحلب من اللبن الذي يرضع منه الصبي في أول النهار حلبتان أو ثلاثة ثم يلقم الحلمة، وخصوصاً إذا كان باللبن عيب، والأولى باللبن الردي‌ء والحريف أن لا ترضعها المرضعة وهي على الريق، ومع ذلك فانه من الواجب أن يلزم الطفل شيئين نافعين أيضاً لتقوية مزاجه: أحدهما: التحريك اللطيف، والآخر: الموسيقى والتلحين الذي جرت به العادة لتنويم الأطفال. وبمقدار قبوله لذلك يوقف على تهيئة للرياضة، والموسيقى: أحدهما ببدنه والآخر بنفسه، فإن مَنَعَ عن إرضاعة لبن والدته مانع من ضعف وفساد لبنها أو ميله إلى الرقة، فينبغي أن يختار له مرضعة على الشرائط التي نصفها، بعضها في سنّها، وبعضها في سحنتها، وبعضها في أخلاقها. وبعضها في هيئة ثديها، وبعضها في كيفية لبنها، وبعضها في مقدار مدة ما بينها وبين وضعها، وبعضها من جنس مولودها، وإذا أصبت شرائطها فيجب أن يجاد غذاؤها فيجعل من الحنطة والخندريس ولحوم الخرفان والجداء والسمك الذي ليس بعفن اللحم ولا صلبه. والخس غذاء محمود واللوز أيضاً والبندق. وشرّ البقول لها الجرجير والخردل والباذروج فإنه يفسد اللبن وفي النعناع قوة من ذلك.

وأما شرائط المرضع فسنذكرها: ونبدأ بشريطة سنها فنقول: إن الأحسن أن يكون ما بين خمس وعشرين سنة إلى خمس وثلاثين سنة، فإن هذا هو سن الشباب وسن الصحة والكمال. وأما في شريطة سحنتها وتركيبها، فيجب أن تكون حسنة اللون، قوية العنق والصدر واسعته، عضلانية صلبة اللحم، متوسطة في السمن والهزال لحمانية لا شحمانية. وأما في أخلاقها فأن تكون حسنة الأخلاق محمودتها بطيئة عن الانفعالات النفسانية الرديئة من الغضب والغم والجبن وغير ذلك، فإن جميع ذلك يفسد المزاج وربما أعدى بالرضاع ولهذا نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن استظئار المجنونة، على أن سوء خلقها أيضاً مما يسلك بها سوء العناية بتعهّد الصبي وإقلال مداراته. وأما في هيئة ثديها فأن يكون ثديها مكتنزاً عظيماً وليس مع عظمه بمسترخ ولا ينبغي أيضاً أن يكون فاحش العظم، ويجب أن يكون معتدلًا في الصلابة واللين. وأما في كيفية لبنها فأن يكون قوامه معتدلًا ومقداره معتدلًا ولونه إلى البياض، لا كمد ولا أخضر ولا أصفر ولا أحمر، ورائحته طيّبة لا ونة فيها ولا عفونة. وطعمه إلى الحلاوة لا مرارة فيه ولا ملوحة ولا حموضة وإلى الكثرة ما هو وأجزاؤه متشابهة، فحينئذ لا يكون رقيقاً سيالًا ولا غليظاً جداً جبنياً، ولا مختلف الأجزاء، ولا كثير الرغوة وقد يجرب قوامه بالتقطير على الظفر فإن سال فهو رقيق،

اسم الکتاب : القانون في الطب المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست